الاستمرارية: من استمر يستمر مستمر: بمعنى الدوام والديمومة.
في برنامج - قائمة طعام بمليون جنيه (استرليني)- يبحث المستثمرون عن ذلك الطاهي صاحب الطعام (اللي أكله محصلش لسه) ليستثمروا مليون جنيه استرليني فيه.. ولكن.. بغض النظر عن عوامل السوق والاقتصاد كان أهم ما يبحثوا عنه هو: consistency/ الاستمرارية.. أن يعود إليك بعد شهر ليجد جودة الطعام ومستوى الطهي والخدمة كما هم فى أول مرة.
ليجعلنا ذلك نتوقف للحظة ونتفكر.
أن أهم سبب فشل العلاقات الإنسانية هو عدم الاستمرارية lack of consistency.
بمعنى:
في البدايات (وكلنا يعلم روعة البدايات) تكون الأطباق (وهنا المقصود المعاملة) ألذ ما يكون وأشهى ما يمكن.. وبعد أن تصبح زبوناً دائما.. مع الوقت يصلك طبقك بارداً أو ناقصاً بهارات (ملح كتير، ملح قليل)، أو خطأ.. أو بلا طعم، أو حتى فاسد يؤدى إلى نزلة معوية أو تسمم حاد.. وبعض الأحيان بكتيريا مدى الحياة تجعل فرائصك ترتعد من أي أكل جديد..
نسعى إلى تقديم أجمل ما في داخلنا في أول الحكايات.. يرى الطرف الآخر أجمل ما في داخلنا، وبعد ذلك.. لا شيء.
لو تفكرت عزيزي بعلاقاتك في حياتك.. مع أهلك، أصدقائك، زملائك، وحتى الشريك.. ستجد هذا النمط في كل ما يحيطك.. إما أن تكون أنت فاقد استمرارية، أو لم تجدها في الآخرين.
والسؤال:
لماذا نفقد هذه الاستمرارية في علاقاتنا؟ والأعتى اننا نُصِر على طلبها من الآخرين!!!
لماذا يأخذنا الانحدار.. مع ان الفكر الطبيعي للنجاح ان نتجه للأعلى ونتطور او اقله ما يمكن أن نحافظ على ما وصلنا اليه.
الاجوبة المتوقعة والمتداولة:
- سنة الحياة.
- الدوام لله وحده.
- ليس ذنبي بل ذنب الطرف الاخر.
- لقد حاولت وفشلت.
و مبررات اخرى لا اول لها من اخر، فالبشرية تتفنن في اختلاق الاعذار.. وهو الشيء الوحيد الذي يطورونه وينجحون به دائماً للأسف.
اما بالنسبة لسنة الحياة، فهذه كذبة كبيرة، والا ما سعى البشر للنجاح ابد.
اما الدوام لله، فبحثت كثيرا عن الفرق اللغوي بين الدوام والاستمرار ولم يعنَّي الامر واجد اجابة، فاستفتيتُ ( من افتاء) قلبي بان الدوام ليس مرتبطاً بوقت يبدأ وينتهي عنده ولا يحتاج لجهد او سعي في بقاءه، فدوام عز وجل لا يحتاج لاي ميكانيزم والا كان قيل ( الله مستمر).. ولكن الاستمرارية لها نقطة بداية وتحتاج لبذل لتظل قائمة ( والله اعلم طبعا، سواء اخطأت او اصبت).
- وليس ذنبك ذنب الاخرين ( كذبة اخرى) لكل شيء في الكون مسئولية تقع على عاتقه.. يتحمل نتائجها وحده، فالشمس رغم جموديتها على عاتقها مسئولية.. فما بالك بمن مخير وليس مسير.
و لكن الجواب البسيط يكمن في التساؤلات التالية:
- ماذا سيحدث لو ظللت تفتح لها باب السيارة بعد ان اصبحت حقيقة واقعة في حياتك؟ ( لن اقول ملكتها، فالنساء لسن ملك لأحد).
- ماذا سيحدث لو ظللتِ تحضرين كوب النسكافيه او فنجان القهوة او كوب الشاي.. رغم تصاعدات الحياة وانخفاضاتها (ايه لازمة: اعمله ليه!!! يعمل لوحده).
- ماذا سيحدث لو ظللت تصالحها بعد الزواج، كما كنت تسعى لمصالحتها قبل الزواج؟
- ماذا سيحدث لو افترضتي حسن النوايا بعد الزواج، كما كنتي تختلقين له مليون ومليون عذر قبل الزواج لتسامحيه؟
- ماذا سيحدث لو ظللنا نجدد الاهتمام ونحدثه كما نهتم بتحديث الهاتف المتنقل ونظامه كل عام..
- ماذا سيحدث، لو نتوقف عن البحث عن استمرارية الاخرين في العطاء والبذل ونظرنا للحظة.. للحظة فقط الى استمراريتنا الشخصية..
- الازلنا نعطي بذات المقدار؟
- الازلنا نهتم بذات المقدار؟
- الازلنا نتفانى بذات المقدار؟
لو نظرنا نظرة اقتصادية بحتة فيما حولنا، سنجد ان نجاح الشركات الكبرى اعتمد اولا واخيرا على الاستمرارية والتطور..
لما لا نتعظ!
عزيزي:
تخلى عن الشماعة التي تعلق عليها كل مأسيك واخطائك ومشاكلك، يوم تبدأ بتصحيح مسارك اولاً، وتسعى للاستمرارية الحقة ( من حق) في مقاصد حياتك ثانياً.. ستبدأ تسطر قصة حياتك كما تحب وكما تشاء.
شكرا
اخر الكلام:
البشرية تبدو بائسة جداً، فعوضاً عن أن يعطي الإنسان الحب، صار متسولاً يطلبه. الكل يطلب “أحبني”، فمن سيعطي من؟
أوشو