أرجو من الرئيس عبد الفتاح السيسى، بصفته الرمز والحكم بين السلطات فى البلاد، أن يتدخل لإنهاء الأزمة التى عكرت صفو الأجواء بين الصحفيين وبعض مؤسسات الدولة، عقب إقدام وزارة الداخلية على اقتحام نقابة الصحفيين، خاصة أن متطلبات المرحلة تحتم على الجميع التوحد، وعدم الدخول فى مهاترات، هناك ما هو أولى منها كثيرا بالاهتمام.
ولعل ما يدعونى إلى دعوة الرئيس للتدخل، أن الأزمة قد شابها تصرفات متهورة، وغاب عنها التريث وحسن الإدارة، ورتبت أخطاء جاءت للأسف على هوى من ينفخون فى النار من تيارات بعينها، تدخلت ومازالت تتدخل لتوسيع هوة الخلاف وتأجيج الأزمة، وهو ما جعل الأخطاء تتوالى وتتراكم من الجانبين.
فما كان يجوز لوزارة الداخلية فى بداية الأزمة القبض على الصحفيين من داخل مبنى النقابة، لا لأن الصحفيين فوق القانون، ولكن لأن اقتحام النقابة جاء مخالفا للمادة 70 من قانون نقابة الصحفيين، الذى يحظر القيام بذلك، إلا فى حضور أحد أعضاء النيابة العامة أو من ينوب عنه، وفى وجود نقيب الصحفيين أو من ينوب عنه، وهو خطأ ما كان على الداخلية الوقوع فيه، وانتهاك حرمة واحدة من أعرق نقابات الرأى فى العالم.
وترتيبا على الخطأ، لم يعط مجلس النقابة نفسه مهلة لدراسة الأزمة والرد بحكمة، والاستماع لآراء شيوخ المهنة وقدماء النقابيين، وسارع فى اليوم التالى بالدعوة إلى اجتماع للجماعة الصحفية عقد بعد 3 أيام فقط من الواقعه، طغى عليه العصبية، وفى لحظة غاضبة، خرج المجلس بقرارت طغى عليها طابع الانفعال، وفتحت الباب لكثير من الجدل.
واستمرارا للأخطاء، لم تدرك الداخلية أنها تتعامل مع صحفيين وقادة رأى، وحاصرت مبنى النقابة يوم اجتماع الصحفيين، وتعاملت معهم كما لو كانوا مجرمين، وحشدت المئات من "المواطنين الشرفاء" على كل المداخل المؤدية إلى المبنى، أشبعوا الصحفيين سبا وشتما ولعنا، فى مشهد سيئ أثار حفيظة وغضب الجميع.
وبأخطاء فوق الأخطاء، سمح مجلس النقابة الفرصة لعناصر عليها تحفظات من النظام، والأمن، والرأى العام، ولا صلة لهم بالجماعة الصحفية، بالتواجد داخل النقابة وتصدر المشهد، بل وترك الدور الأرضى من المبنى تحت سيطرة تيارى الإخوان المسلمين، والاشتراكيين الثوريين، بشكل أشعر الصحفيين أنفسهم بأن نقابتهم مختطفة.
أعتقد أن كلا الطرفين قد جانبهما الصواب فى إدارة الأزمة، وأن الأمر يستدعى بالفعل تدخل الرئيس ولاسيما أن المرحلة لا تحتمل الانقسام، خاصة أن ما تواجهه البلاد من مخاطر داخلية وخارجية يفرض على الجميع التوحد.
إن صوت العقل بعيدا كل ما حدث من أخطاء يؤكد، أنه لا غنى للنظام عن الصحفيين أو الداخلية، وأن الأمر بالفعل يستوجب تدخل (الرمز) لاحتواء الجميع.
أتمنى أن يفعلها الرئيس.