المتابع لأخبار الحوادث والمحاكم على مدار الفترة الماضية، يجد ارتفاعا ملحوظا فى معدلات الجرائم التى يرتكبها الأطفال، حيث لا تخلو الصحف يوميا من أخبار حوادث متنوعة أبطالها أطفال، فقد تبدأ يومك بمطالعة تفاصيل واقعة اغتصاب طفل لفتاة أو سيدة، أو ملابسات جريمة قتل أو سرقة بالإكراه، أو تحرش، أو اتجار بالمخدرات وتنتابك الصدمة عندما تعرف أن بطل الواقعة "المجرم" طفلا، حيث حدد القانون المصرى سن الطفل بما هو أقل من 18 عاما ميلادية.
الأزمة الحقيقية قد لا تتعلق بطريقة وأسلوب وأدوات تنفيذ الجريمة، أيا كان نوعها ومكان وقوعها أو ملابساتها، لكنى أرى أن سن مرتكب الجريمة هو الأكثر إثارة للجدل بين الناس، وذلك ما حدث مؤخرا تجاه العديد من الجرائم التى فرضت نفسها على الرأى العام، فمن منا لم يفزعه خبر قتل طفل لصديقه أمام مدرسة بالإسماعيلية، ومن منا لم يستشط غضبا من قضية "راجح وأصدقائه"، والعديد من الجرائم المشابهة التى كان "الجناة" فيها أطفال.
"التوك توك" وسهولة العمل عليه، كان أحد أهم عوامل ارتفاع معدلات الجريمة بين الأطفال، حيث إن أغلب من يقودون "التكاتك" فى شوارع مصر هم بالأساس أطفال، أى لا تتعدى أعمارهم الـ18 عاما وفقا للقانون، وكم من جرائم ارتكبت باستخدام "التوك توك"، فيجده الطفل منهم وسيلة سهلة لاستقطاب الفتيات والسيدات واغتصابها أو سرقتها بالإكراه، كما قد يستخدم أيضا فى ترويج المخدرات أو استدراج شخص ما لقتله والاستيلاء على ما بحوزته من أموال أو متعلقات أخرى.
لا جدال على أن أجهزة الأمن تقوم بدورها حال وقوع مثل تلك الجرائم، حفاظا على أمن واستقرار المجتمع، فتسارع إلى إجراء التحريات اللازمة، ومن ثم القبض على المتهم بعد اتخاذ الإجراءات القانونية، ومن ثم إحالة المتهم للنيابة التى تحقق فى الواقعة، ثم تحيل المتهم إلى المحاكمة وفقا لقانون العقوبات، ولكن فى ظل تحديد القانون لـ"سن الطفل" بـ18 عاما، هل يعقل أن يحاسب "قاتل أو مغتصب أو سارق" بقانون الطفل حتى لو كان عمره أقل من 18 سنة بـ"كام يوم"؟!
أعتقد أننا بحاجة ملحة لإعادة النظر والتدقيق فى قانون الطفل، والعقوبات المقررة على الأطفال فى مختلف الجرائم، كما أننا نحتاج نظرة متفحصة عميقة من أعضاء مجلس النواب والمسئولين – القانونيين والدستوريين- فى الدولة لإعادة تحديد "سن الطفل" فى القانون من خلال تعديل تشريعى يناسب ويتماشى مع الزمن الذى نعيشه الآن.