سؤال منطقى.. هل يؤثر حادث طائرة مصر للطيران الأخير على صورتنا وعلى السياحة؟ نعم يؤثر، لأنه يأتى بعد حادث الطائرة الروسية واختطاف طائرة لقبرص والإرهاب، وكلها تؤثر على التدفق السياحى وصورتنا أمام العالم، حتى لو كانت حوادث الطيران تقع فى كل الدول، والإرهاب يهدد الجميع، والطائرة خرجت من مطار شارل ديجول.
كل هذه التحولات تشير لدى البعض لوجود استهداف وتحركات وربما مؤامرات، وأن طرفا فى الأزمة الأخيرة هو مطار شارل ديجول وفرنسا. هل نواجه حربا إعلامية؟ حرب الدعاية والمضادة أدوات صناعة وحماية الصورة وتسويق سياسات الدولة الخارجية، يفوز فى هذه المنافسة من يجيد استعمال أدوات العصر، أمريكا كسبت الحرب الباردة أولا بالدعاية، عندما قدمت نفسها كمنقذ ونموذج للرفاهية والحريات، كان لها أدواتها لتسويق سياساتها وحربها، شركات علاقات عامة، ومجلس فيدرالى، خلال غزو العراق وأفغانستان ظهرت قناة الحرة وإذاعة سوا، وتم شراء صحف وبرامج وكتاب، يجوبون العالم ويسوقون الحرب، ومولت أمريكا إذاعات «أوروبا الحرة والحرية، وصوت أمريكا».
عندما بدأ بوتين عملية إنقاذ روسيا من الانهيار ما بعد الحرب العالمية، كان فلاديمير بوتين يعرف أن أمريكا كسبت الحرب الباردة أولا بالدعاية، وأنها تسعى لتأكيد الهزيمة النفسية لخصمها. اكتشف بوتين حاجته لأذرع إعلامية دعائية، لمواجهة آلة إعلامية أمريكية كانت الأقوى، وبدأ ما سماه المحللون الأمريكيون بـ«الثورة الدعائية ما بعد الحرب الباردة».
منذ 2005، ظهرت شبكة روسيا اليوم RT، 24 ساعة، باللغات الإنجليزية والعربية والإسبانية، والألمانية والفرنسية، وغيرها، لتصبح «النسخة الروسية» لهيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى». وصل عدد مشاهديها 2015 إلى 700 مليون فى أكثر من 100 دولة، وظهر الموقع الإخبارى على الإنترنت «سبوتنيك»، عام 2012.
نجحت روسيا فى حرب الدعاية، الخارجية، وامتلكت قنوات روسيا اليوم وسبوتنيك حرية حركة، وتفوقت باعتراف الأمريكيين، على أدوات أمريكية عتيقة. وهو ما وصفه إدوارد رويس رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بـ«التطور المزعج فى وسائل الإعلام التى يقدمها بوتين فى شرق أوروبا ووسطها وفى الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية من خلال قنوات RT. ونحن لا نواجهها بفعالية. واعترف ومعه نواب آخرون أن «المجلس الفيدرالى المسؤول عن البث، ووكالات الأنباء الممولة من دافعى الضرائب»، فشلت فى حرب الدعاية أمام الإعلام الروسى.
نقول هذا لنؤكد أن الخطط والصراعات والمصالح، أمر طبيعى فى العالم فى الماضى والآن، لكنها تطورت لاتساع أدوات الإعلام، وشبكات التواصل، لكن تبقى القاعدة أن كل المصالح لابد لها من ظهير دعائى يساندها. فالصراعات الدولية لا تحسم بالشكوى والنيات الحسنة، لأنها حرب لكسب العقول والقلوب بالداخل والخارج.