استأذن عباقرة التنظير السياسى، وأساتذة الاستراتيجيات، وخبراء القلوووظ، والمُنصبين أنفسهم، نخبة، ومرضى التثور اللا إرادى، وعبدة الديمقراطية والحرية الأمريكية، أن يتواروا عن الأذهان، واعتزال العمل العام نهائيا، ولا يخرجون علينا بنظريات وترنيمات العشق المقدس للحرية والديمقراطية الأمريكية، مرة أخرى، أو توجيه الاتهامات لمن يخالفهم، بأنهم فلول، وعبيد البيادة، ومؤمنون بنظرية المؤامرة، إذ تبين للجميع، وعلى رؤوس الأشهاد، كذب ما روجوا له من ديانة الحرية والديمقراطية الأمريكية، وكارثة مطالبهم بضرورة توجيه القبلة صوب تمثال الحرية.
ما يحدث فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا منذ بدء الانتخابات، وحتى الآن، هو بمثابة إعادة الحقوق لأصحابها، وأن يرى الشعب المصرى بأم أعينه، كذب وادعاء وفجاجة ما كان يتم غرسه على جدران أذهانهم، من أن حرق 199 قسم شرطة، واقتحام السجون، ومحاولة اقتحام مقر وزارتى الداخلية، والدفاع، وتخريب المنشآت العامة، وسلب ونهب الممتلكات الخاصة، وإشعال النار في أحداث محمد محمود، ومجلس الوزراء، وحريق المجمع العلمى، ومحاصرة مكتب النائب العام، والمحكمة الدستورية، ومدينة الإنتاج الإعلامى، وحرق عشرات الكنائس، كل ذلك، يحدث من الباب الواسع للحرية والديمقراطية، ووصفها بأنها ثورة ربيع، وخلق حالة رومانسية يرفضها حتى الخيال.
ودشنوا نظريات، اعتبروها بمثابة ترنيمات مقدسة للحرية والديمقراطية، منها أن الجيوش تبقى فى ثكناتها، ولا تنتشر فى الشوارع، فى الأحداث الجسام، ولا تحمى المنشآت العامة المهمة، كما يجب عدم اللجوء لفرض حالة الطوارئ، باعتبارها حالة متقاطعة مع الحرية والديمقراطية، كما يجب احترام حرية التظاهر، وإعلان حالة الغضب ضد قرار ما، وترك المتظاهرين يفعلون ما يشاؤون، وعدم اللجوء لتطبيق سياسة تكميم الأفواه، فى الإعلام، بشتى ألوانه، مقروء ومسموع ومرئي، وإلكترونى، وعدم إغلاق الحسابات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، ورفض رفضا تاما، مناقشة فكرة عزل الرئيس الذى جاء عبر الصناديق، مهما كان خائنا..!!
وظل هؤلاء الكهنة، من عبدة تمثال الحرية الأمريكانى، لسنوات طويلة، بشكل عام، والسنوات العشر الأخيرة، على وجه الخصوص، يروجون لهذه الديانة، فى مصر بشكل صاخب، زاعق، يصم الآذان، وكانوا يقودون حملات الشجب والإنكار، والتشكيك والتسخيف بقوة من انتشار الجيش المصرى لحماية المنشآت، ويقيمون حفلات التصفيق والإعجاب، بمحاولات مرضى التثور اللاإرادى، ومن خلفهم الجماعات المتطرفة، اقتحام مقر البرلمان، ومكتب النائب العام، ومقر وزارتى الدفاع والداخلية، وحرق المنشآت العامة، وأيدوا اقتحامات مقرات أمن الدولة، واعتبروها نصرا مبينا، وآية من آيات السماء.
هؤلاء الكهنة أنفسهم، تواروا واختفوا، وأصيبوا بالخرس، عندما حاول بضع من الأمريكان، اقتحام مقر الكونجرس الأمريكى، وكيف تعاملت الشرطة معهم، ومات من مات، وأصيب من أصيب، وفوجئنا بمصطلحات تتردد علىَ لسان الرئيس المنتخب جو بايدن، من عينة أن المقتحمين (بلطجية) و(غوغائيين) ويجب محاكمتهم فورا، ومحاكمة كل من حرضهم، ولم نسمع منه، ولو شطر من كلمة (شجب) للضحايا الذين وقعوا أثناء الاقتحام علىَ يد الشرطة الأمريكية، ولم يصف المقتحمين، بأنهم شباب طاهر ونقى نقاء الثوب الأبيض من الدنس.
بل، وإمعانا فى التجويد، دخل فيسبوك وتويتر وإنستجرام ويوتيوب، وكل السوشيال ميديا، على خط الأحداث الأمريكية المشتعلة، وأغلقوا حسابات الرئيس دونالد ترامب، ورجاله، ثم قاد الحزب الديمقراطى، حملة برلمانية لعزل ومحاكمة ترامب فورا، وفرض حالة الطوارئ.
والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة، هل سيكون لكل من محمد البرادعى، وعمرو حمزاوي وعصام حجى، ومن على شاكلتهم عين، أن يتحدثوا عن نظرياتهم، عقب مشاهدتهم للأحداث المتلاحقة، فى أمريكا، بدءا من مغادرة الجيش ثكناته وانتشاره فى الشوارع، وتدشين حملات تكميم الأفواه والمطالبة بعزل ومحاكمة الرئيس ترامب القادم من الصناديق الانتخابية، وفرض حالة الطوارئ، وترديد مصطلحات البلطجية والغوغائيين، على المتظاهرين؟.
الأيام دوارة، والتاريخ له مكر عظيم، وأثبتت الأيام أن كل نظريات هؤلاء الكهنة، داسوا عليها ساسة الأمريكان بأحذيتهم، كما تعرت نواياهم، وصاروا كروتاً محروقة، فى عيون كل المصريين.. وأصبح مصطلح الحفاظ على الأمن القومى للأوطان، بكل الوسائل، هو الهدف الأسمى والوحيد فقط..!!