منذ أكثر من عام والعالم يبحث عن لقاح لفيروس كورونا المستجد، والعديد من الدول اجتهدت لتصنيع للقاح واعتماده من خلال سلسلة من الإجراءات الإكلينيكية الهامة، ومجموعة من الضوابط التى حددتها منظمة الصحة العالمية، وكانت النتيجة ظهور لقاحات فعالة فى الصين وروسيا وأمريكا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى تجارب محلية فى عدد كبير من الدول، إلا أنه بعد انتشار اللقاح وتوزيع الجرعات على عدد من الدول، بدأت الأخبار السلبية تتداول، فالبعض يتحدث عن آثار جانبية مُقلقة، والبعض الآخر يتحدث عن وفيات ومشكلات صحية لبعض من حصلوا على اللقاح.
الأخبار السلبية المتداولة عن لقاحات كورونا أثرًت بصورة كبيرة على استجابة المجتمع فى الحصول على جرعات اللقاح، وكشفت الحاجة إلى ضرورة التوعية الإيجابية، خاصة أننا فى أمس الحاجة إلى اللقاح لتخفيف حدة الإصابات وعودة الأمور إلى نصابها مرة أخرى.
الحالة المصرية في التعامل مع لقاح كورونا خاصة جداً وغريبة عن كل دول العالم، فبعض الأطباء يمتنعون عن تناول اللقاح، تحت فكرة أنه اختياري وليس إجباري، والحقيقة أن رفض جزء من الأطباء ولو بسيط الحصول على لقاح كورونا، يكرس مفاهيم سلبية في المجتمع، فإذا كان الطبيب الذى يقدم الرعاية والعلاج للمريض يرفض اللقاح تحت أى دعوى أو مسمى، فماذا يفعل المواطن؟ بالطبع سيرفض، حتى وإن كانت نسبة من رفضوا من الأطباء محدودة أو بسيطة، فكان يجب أن يحصل كل أطباء مستشفيات العزل على اللقاح إجبارياً، وقصة " الموافقة المستنيرة" التى أعلنت عنها وزارة الصحة، وجعلتها أساساً في الحصول على اللقاح ستساهم في نشر الصورة السلبية.
الموافقة المستنيرة قبل الحصول على لقاح كورونا، تذكرنا بفكرة الضمان في التوكيلات التجارية، والعبارة الشهيرة التى تقول:" هذا الضمان يخص عيوب الصناعة ولا علاقة له بسوء الاستخدام"، وبمجرد قراءة العبارة المماثلة الموجودة فى الموافقة على اللقاح:" الوزارة غير مسئولة عن المضاعفات ومن الوارد حدوث مضاعفات كذا وكذا "، سيستشعر المواطن بالخطر، وسيفكر ألف مرة قبل الحصول على الجرعات المطلوبة، مع العلم أن اللقاح آمن ومختبر وأفضل بكثير من مواجهة كورونا بصدر عارٍ.
الحقيقة نقابة الأطباء دورها سلبى تماماً فى قضية إعطاء الطاقم الطبي لقاحات كورونا، فلم تصدر بياناً واحداً تدعو فيه الأطباء للحصول على اللقاح والتأكيد على مأمونيته، و لم يخرج نقيب الأطباء أو أحد من أعضاء مجلسه أو الصيادلة والتمريض والأسنان في مؤتمرات عامة أو من خلال وزارة الصحة، وهم يحصلون على اللقاح، لغرس الاطمئنان في نفوس الطواقم الطبية والمواطنين على حد سواء، وهذا أمر يدعو إلى العجب، فلا تشارك نقابة الأطباء سوى ببيانات العزاء اليومية للشهداء الذين يسقطون ضحايا لهذا الفيروس اللعين، دون أن تقدم التوعية اللازمة أو تتخذ إجراءات من شأنها تقليل الوفيات، وعلى رأسها الحصول على اللقاح والتأكيد على أنه آمن وفعال ويحمى من الفيروس.
كل لقاحات كورونا المتداولة فى العالم آمنة وفعالة ومختبرة ومُجربة على عدة مراحل، واعتمدتها منظمة الصحة العالمية، والحصول عليها والتطعيم بها سبيل المواجهة الفعالة الوحيد أمام فيروس كورونا المستجد، لذلك يجب أن ننظر إلى القضية باعتبارها هامة وعاجلة، وعلينا جميعاً أن ننشر الأخبار والأفكار الإيجابية عن اللقاح، وندعو المواطنين للحصول عليه ضمن خطة إعلامية فعالة ومنظمة.