الملاحظ هذه الأيام تركيز الخطاب الديني على قضايا الحلال والحرام فقط، والجنة والنار، واختزال الإسلام في قضايا فرعية، رغم أن آيات الأحكام في القرآن الكريم لا تزيد عن 500 آية من بين أكثر من 6000 آية قرآنية.
وهذا يعتبر قصورا في الخطاب الديني، وجمودا في الفكر الديني عند نقطة واحدة لا يتجاوزها إلى قضايا أخرى أكثر أهمية من هذا يستحق دخول الجنة وذاك لن يدخلها. لقد اختلفت احتياجات الناس من عصر لعصر، وكذلك اهتماماتهم ومشاكلهم، والتي تستوجب فقهيا عصريا ملما بتلك الإشكاليات والتحديات، وليس مجرد واعظ، أو مرشد ديني، يتوقف دوره على بيان هذا حلال وهذا حرام، ويتعالى صوته بالصراخ والبكاء، ليس اعتبارا ولكن لمجرد جذب الناس حوله.
ومثل هذا النموذج من الوعاظ ينفر طالبي الأمل و الباحثين عن ثغرة نور وسط ظلمات اليأس، فلايريدون من يوبخهم ويخوفهم، بل من ينير لهم الطريق، ويفتح أمامهم السبل ليكونوا مواطنين صالحين منتجين نافعين لمجتمعاتهم.
لاشك أن هناك حاجة شديدة لإصلاح الخطاب الديني من الداخل، بأن تكون الأولوية لنشر قيم التسامح والعدل والمساواة بين الناس، وإشاعة معاني الحب بينهم، والحديث عن الرحمة والمغفرة والتسامي عن الصغائر، وبناء الإنسان واعمار الأرض، وغيرها من القيم.
ما أسهل كلمة هذا حرام لدى كثير من شيوخ السلفيين، رغم ضوابط هذه الكلمة عند الفقهاء والا تطلق إلا على من نص صراحة وبشكل جازم على تحريمه. وما أسهل إظهار خطاب التخويف و الترهيب، والبعد عن خطاب جامع للناس، يبشرهم بالرحمة والغفران والسعادة المنشودة.
إن الحل في رأيي يتمثل في النقاط التالية: أولا: إعادة النظر في مناهج التعليم الديني، لتناسب مخرجات العصر ومستجدات الفقه وقواعده ومقاصده الكلية.
ثانيا: تشجيع الاجتهاد بين طلاب التعليم الديني وغير الديني، شريطة أن يكونوا مؤهلين علميا وفكريا.
ثالثا: تدريب الأءمة وتثقيفهم و اختيار العناصر التي تجيد اللغات و مؤهلة تماما فكريا بالواقع والثقافة الغربية وطبيعة المجتمعات، قبل إرسالهم للعمل بالخارج.
رابعا: دمج دورات تدريبية بين دعاة وإعلاميين و دعاة وقانونيين، وغيرهم من المهنيين، ليستفيد الدعاة
من خبرات المهن المختلفة.
خامسا: إضافة مادة الخطاب الديني على وسائل التواصل الاجتماعي ضمن مناهج ووحدات تخريج الدعاة، و تخريج متخصصين في هذا المجال، لمخاطبة الشباب والرد على تساؤلاتهم.
سادسا: تشجيع ثقافة الاختلاف وحكمة نشأة المذاهب الإسلامية