فنان صينى وقلب عالمى
إذا ما تأملنا العالم المحيط بنا بكوارثه المتعددة وشعوبه المظلومة الضائع حقها كدنا ندخل فى حالة من اليأس، فتقريبا لا يوجد مكان فى الكرة الأرضية خالٍ من الهموم التى تلقى بثقلها على الإنسان فتسحقه، لكن ما يخفف ذلك ويجعلنا بعيدين عن مشنقة اليأس وجود عدد من الحالمين الذين يرفعون على عاتقهم فكرة الدفاع عن المظلومين وأحوالهم وظروفهم، حتى إنه كلما كثر الظلم والاضطهاد كثر أيضا أصحاب القلوب الكبيرة المستعدون للإيمان بالقضايا الكبرى ورصد إبداعهم وفنهم فى محاولة التخفيف عن هؤلاء المظلومين، ومن هؤلاء الفنان التشكيلى الصينى آى وى وى.
أحداث عديدة شارك فيها الفنان الصينى آى وى وى لصالح المشردين ولاجئين فى العالم كان آخرها ما قام به فى اليونان، حيث قدم معرض فن تشكيلى حمل فيه علمين خاصين به لجذب الانتباه إلى ما وصفه بتعامل أوروبا «المخزى» مع أزمة اللاجئين، والعلمان هما لليونان والاتحاد الأوروبى، لكنه أبدل لونيهما الأصليين بالأصفر لون الأغطية التى يوزعها عمال الإغاثة فى حالات الطوارئ لمنع انخفاض درجة حرارة الجسم، كما حمل علما ثالثا به صورة ترمز لـ«إيلان» الطفل السورى الذى غرق فى البحر، وتحول لأيقونة لما يعانى منه اللاجئون السوريون من معاناة كبرى.
ومن قبلها تمكن آى وى وى من العبور إلى قطاع غزة فى أول زيارة له من نوعها للقطاع، فى مهمة مقدسة له حيث يسعى لتوثيق ظروف اللاجئين هناك فى فيلم وثائقى يتناول فيه ظروف اللاجئين فى الشرق الأوسط فى كل المناطق فى العالم، وسيكون النصيب الأكبر للسوريين لكن للشعب الفلسطينى نصيب أيضا بسبب ألمهم الممتد منذ القدم، واستقبل أهالى قطاع غزة الفنان الصينى بحفاوة، والتقط بعض الشباب صور «سيلفى» معه، وحسب قول الفنان فإن أعمال التصوير ستنتهى مع نهاية هذا العام، وسيتم تنظيم تظاهرة تجمع أعمالاً فنية للاجئين قبل عرض الفيلم الوثائقى، تجدر الإشارة إلى أن الفنان الصينى اشتهر بأعماله الناقدة لوضع حقوق الإنسان فى الصين، ما تسبب فى احتجازه لمدة 81 يوماً، لكنه انتقل بعد إطلاق سراحه للعيش فى ألمانيا العام الماضى.
يقدم الفنان الصينى آى وى وى نموذجا لما يجب أن يكون عليه حال الفنانين فى العالم والرسالة المرجوة من الفن بالانتماء للضائعة حقوقهم والمعذبين فى الأرض، ولعل ما فعله آى وى وى يدفع الكثير من فنانى العالم لتحديد موقفهم من المشكلات الكبرى الإنسانية.