عندما أقرأ عملا لخيرى شلبى، أجدنى عادة أذهب وأتأمل صورته الموجودة على ظهر الغلاف، وألمح ابتسامته المطلة من ملامحه الحكيمة، آراه يشبه الفلاسفة القدامى، الذين يختصرون العالم فى عبارة واحدة وأحيانا يكتفون بحركة بسيطة، تصبح عبرة تروى وحكاية يتناقلها الناس.
خيرى شلبى، كاتب كبير، وهذا لا يحتاج إلى تأكيد، واليوم تمر ذكرى ميلاده، إن عبقريته تأتى من امتلاكه تجربة متفردة، وأنه استطاع أن يستغل هذه التجربة، فصار له عالمه الخاص، النابع من كونه يعرف خبايا شخصياته.
قرأت الكثير من روايات خيرى شلبى وأحببت "هند سليمان" بطلة رواية "نسف الأدمغة" وبالطبع أغرمت بشخصيات "وكالة عطية" وغيرها الكثير، ولكن الذى سحرنى أكثر هو "خيرى شلبى" نفسه.
يملك خيرى شلبى صورة فوتوغرافية وهو يكتب مستندا على "قبر" يضع أوراقه وينشغل بالكتابة - يمكن بسهولة رؤية الصورة فهى منتشرة على "جوجل" - ولكن فى كل مرة أرى هذه الصورة كأنها المرة الأولى، أشهر بالدهشة نفسها وينتابنى السؤال نفسه: ما الذى يشعر به خيرى شلبى عندما يبدأ الكتابة على شاهد قبر؟
أحاول الإجابة، فلا أجد سوى الأسئلة: هل تدخله الكتابة فى حالة من الحزن، من الزهد، من الشفافية؟ هل يشعر بتفاهة الأشياء فينفصل عن الدنيا وما فيها؟ هل تتضح الأشياء أكثر؟ أم أنه يشعر بالدنيا وحلاوتها خشية من يوم يكون مصيره مشابها للمصير نفسه؟
فى ظنى أن هذه الصورة، جزء من عالم خيرى شلبى، جزء من تركيبته السردية، تجعله كاتبا ذا خصوصية، ذا روح لا تشبه روح أحد من الكتاب.