نتفق جميعاً أن ركوب التريند والبقاء فى دائرة الضوء لأطول فترة ممكنة سمة الوقت الراهن، وبالطبع وسائل الإعلام والسوشيال ميديا هى الوقود المغذى لهذا التريند على اختلاف أشكاله وأنواعه، إلا أن الموضوع خرج من دائرة المعقول واللائق إلى قلة الذوق وغياب الإنسانية، لدرجة أن ممثلة كبيرة سناً، ومحدودة فناً، خرجت علينا عبر صفحات السوشيال ميديا لتتباهى أنها أهانت صحفية لا ذنب لها إلا أنها تحاول أن تؤدى دورها، في هذه المهنة الشاقة، التي تفرض على أصحابها أن يحصلوا على المعلومات من مصادرها حتى ولو كانوا أراذل الناس..
الممثلة عارفة عبد الرسول، التى لم يعرفها الجهمور إلا بعد الستين، ولم تبرع سوى فى دور" السنيد" أو الأم والحماة، خاصة أن الوسط الفنى شبه خال من الأمهات في هذه السن، وعدد من يقبلون تلك الأدوار محدود، فتنهال العروض على "عارفة"، وبدورها تقدمها بأداء فنى جيد، يتفق حوله البعض ويتخلف معه آخرون، إلا أن المتابع للموقف يرى أن الفنانة أصابها بعض الغرور، وطمعت في ركوب التريند، حتى ولو كان على حساب إهانة صحفية شابة فى مقتبل العمر، أو الإساءة لقيمة الصحافة كصوت للجماهير وأداة للتعبير عن المجتمع بكل أشكاله وأطيافه.
عندما نسمع ونشاهد قصص الرعيل الأول من الفنانين العظام، نتأثر كثيراً بتجاربهم وتواضعهم خلال أحاديثهم في وسائل الإعلام، وهنا أذكر الراحل الكبير فؤاد المهندس، أستاذ مدرسة الفن المصرية، الذى يبدأ كل لقاءاته الإعلامية بالإشادة بالمذيع أو المذيعة ويقدم التحية للجمهور على طريقته الخاصة، هكذا كان الفنان الحقيقى، الذى يقدر ويحترم قيمة الفن، ويتكلم بحساب، فهكذا كانت رسالة الفن يا مدام "عارفة"، وهكذا كانت أخلاق الفنانين، فلا يمكن لمن يحملون رسالة أو يقدمون قيمة أن يسبون من يهاتفهم أو ينهرون من يتواصل معهم، ولا يستخدمون الهاتف فقط إلا للرد على أوردارات التصوير، وكأن الفن مجرد "سبوبة"..
عارفة يا مدام عارفة إن الصحافة والإعلام والسوشيال ميديا كانوا سبب أساسى فى ظهورك للجمهور، ودعموا بصورة مباشرة وغير مباشرة انتشارك خلال الفترة الماضية، وكان يجب أن تمتنى لهذا الدور بدلا من الاستقواء والاستعلاء على صحفية شابة قد تكون على بداية الطريق، أو قليلة الخبرة وتحاول التماس النجاح فى خبر أو تحقيق أو صورة صحفية، وبصورة غير إنسانية تركتى لديها تجربة سلبية وكسرتى قلبها بكلماتك العنيفة وردودك الغاضبة.
الثابت في الفن يا مدام عارفة إن" النهارده فوق وبكرة تحت" ولا أحد يظل بوهجه وقدرته طول الوقت، وكم من عظماء كبار ماتوا ولم يملكوا من حطام الدنيا شيء، بل بعضهم لم يجد ثمن جنازته، والتاريخ مملوء بحكايات يشيب لها الولدان، لذلك يجب أن تضعيها أمامك، وتحترمى من دعموكى للوصول إلى النجاح.
لا أكتب هذه الكلمات انطلاقا من غيرة على مهنة "الصحافة" التي أشرف دوما بالعمل فيها، أو شماتة فى ممثلة ظنت أنها ستركب التريند لمجرد حكاية تجربة ساذجة مع صحفية مبتدئة، ولكن من باب الغيرة على الإنسانية التي باتت على المحك، والأخلاق التي صارت سلعة نادرة على محركات البحث، لذلك أتمنى أن تسارع مدام عارفة عبد الرسول، للاعتذار للصحفية التى أغلقت فى وجهها الهاتف، وكذلك للجمهور بعدما قدمت سلوكاً يتنافى مع قيمة الفن والفنان.