الشكوى من نقص المعلومات والبيانات عبارة تتردد دائماً على ألسنة عدد كبير من الزملاء الصحفيين، فى حين أن هناك كنز معلوماتى كبير اسمه "الجريدة الرسمية" له صفة رسمية، ومعلوماته موثقة ومعتد بها، بل وتعتبر وثيقة قانونية أمام المحاكم والهيئات القضائية، ووثيقة تاريخية أيضا يتم الرجوع إليها لمعرفة القوانين واللوائح التنفيذية، وكل ما يصدر عن دولاب الدولة من قرارات وإعلانات رسمية، بداية من رئيس الجمهورية، مروراً برئيس الوزراء والوزراء، حتى كبار الموظفين ووكلاء الوزارة.
الجريدة الرسمية هنا ليست الإصدار الوحيد الذى تقدمه الهيئة العامة للمطابع الأميرية، بل لها ملحق يعرف باسم "الوقائع المصرية"، وتعتبر أقدم جريدة فى مصر وتأسست عام 1828 بأمر من محمد على باشا وكانت عبارة عن نشرة للموظفين وضباط الجيش للإعلام بالقرارات والأوامر، إلا أن القضية التاريخية ليست محل تناول، فما أود الإشارة إليه هو كيف يستفيد الصحفى أو الإعلامى من محتوى الجريدة.
تحتوى الجريدة الرسمية على القرارات الجمهورية بقوانين، وقرارات رئيس الجمهورية، وقرارات رئيس مجلس الوزراء المفوض بها من رئيس الجمهورية، وأحكام المحكمة الدستورية العليا، وبيانات منح الأوسمة والنياشين، وتأتى هذه القرارات والقوانين مفصلة وموقعة من صاحب القرار، وبها كل قد يحتاجه الصحفى أو الإعلامى من بيانات ومعلومات، بالإضافة إلى إمكانية الرجوع إليها من خلال المطابع الأميرية التى تحتفظ بأرشيف ضخم يشمل عشرات السنين.
هناك أيضا الوقائع المصرية وهى "ملحق للجريدة الرسمية" وتصدر يومياً ماعدا أيام العطلات الرسمية، وتشمل القرارات والقوانين الأقل فى الترتيب من الجريدة الرسمية، وتشمل قرارات رئيس مجلس الوزراء، والقرارات الوزارية، وقرارات المحافظين، وقرارات شهر الأندية، وتشكيل مجالس إدارتها، وملخصات تأسيس الجمعيات بجميع أنواعها، وإعلانات الحجوزات والمناقصات والمزايدات وإعلانات المصالح الحكومية وفقد الأختام.
المعلومات التى تقدمها الجريدة الرسمية والوقائع المصرية تأتى على نحو مفصل ودقيق، وتشمل كل ما يحتاجه الصحفى أو الإعلامى لفهم قضية معينة أو ملف يعمل على تغطيته، على سبيل المثال قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، موجود على نحو مفصل وواضح فى الوقائع المصرية، ويمكن الاستفادة بالكم الهائل من المعلومات الموجودة به في إنتاج أخبار ومعلومات عن القانون، وتوعية الجماهير بمميزاته أو عيوبه، وعمل مقارنات مع القوانين السابقة، كما يمكن الاستعانة بخبراء ومختصين فى فهم الأجزاء أو النقاط القانونية التى تحتاج إلى تفسير وقراءة.
البحث عن المعلومات ليس بالقضية الصعبة، خاصة إن كان لدينا كنز ثمين اسمه الجريدة الرسمية، لا يتجاوز سعرها بضعة جنيهات، لكنها رأس مال لكل صحفى يحتاج أن يصل إلى أعماق ملفاته، ويفهم القوانين واللوائح المنظمة للعمل فيها، حتى يصبح خبير في الملفات المعنى بتغطيتها ومتابعتها، بدلاً من التعلل باختفاء المصادر الصحفية أو عدم ردهم على الهاتف أو أن المسئول الفلانى لا يدلى بتصريحات ولا يقدم معلومات، فى حين لدينا مصدر هام جداً ومعلوماته لا تقبل التشكيك أو الرد، وبمثابة حجة واضحة البيان.
على كل صحفى يهتم بفهم ملفاته ويرغب التعمق فيها، والوصول إلى مستويات من الخبرة والإجادة، أن يقرأ ويتابع كل ما يصدر فى الجريدة الرسمية وملحقاتها عن مصادره الصحفية، حتى يتمكن من تقديم أسئلة محترفة لتلك المصادر عندما تتاح له فرصة السؤال، فالأسئلة الجادة المدروسة هى التى تقدم إجابات مهمة تصلح أن تكون مادة صحفية مميزة نقدمها للرأى العام.