الحديث المتداول بين الناس حول عملة "البيتكوين"، التي تحقق صعوداً خيالياً وهبوطاً خيالياً أيضاً، وجعلت من البعض مليونيرات على الفضاء الإلكترونى، فأغلبهم مستدرج بدافع الطمع في المكسب السريع، والغنى دون عمل، والثراء دون دفع الثمن، وبعضهم يتعامل بها من باب التجربة وحب الاستطلاع، فقد جذبت فكرة هذه العملة التي بدأت هزيلة قبل 13 عماً، وثمنها بضعة جنيهات، إلى رقم يقترب من 900 ألف جنيه بسعر اليوم، وهذا بالطبع يضع شكوك ودوائر حمراء وصفراء حول هذه العملة، التي لا نعرف مصدرها أو آلية الاستثمار الحقيقى فيها، وما قد تصل إليه أو ما تقدمه للبشرية من خير أو شر خلال الفترة المقبلة.
دار الإفتاء المصرية قطعت بأن البيتكوين حرام شرعاً ولا يجوز استخدامها، وقد جاء ملخص نص فتواها بأن :" تداول البيتكوين والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها حرامٌ شرعًا؛ لآثارها السلبية على الاقتصاد، وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العمل، وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة، ولما فيها من الافتيات على وُلاة الأمور، وسلب بعض اختصاصاتهم في هذا المجال، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، وذلك يدخلُ في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، والقاعدة الشرعية تقرر أنه "لا ضرر ولا ضرار".
البنك المركزى المصرى والحكومة المصرية تحظر التعامل بـ البيتكوين، خاصة أنها تدمر الاقتصاد، وتستنزف العملة الصعبة الموجودة لدى الدولة، وتخلق سوقاً خطراً للتعاملات الرسمية خارج البنوك، وتقود إلى فوضى مالية ضخمة لا يمكن تحملها، إلا أن الغريب أن هناك بعض الشباب لديه ولع ورغبة في شراء البيتكوين والمتاجرة فيها بصورة تدعو إلى القلق، خاصة أن الشريحة الكبيرة من هذه الفئة من أبناء الطبقات الكادحة وأغلبهم من أبناء الموظفين، طمعاً فى الثراء السريع والمكاسب الخيالية التى تحققها هذه العملة الوهمية.
سوق العملات الرقمية لا يشمل البيتكوين فقط بل هناك عشرات العملات الأخرى، التى يعرفها الشباب الذين يتعاملون مع هذه المنصات جيداً، وترتبط هذه العملات بصورة مباشرة بالبيتكوين، فكلما صعدت الأخيرة قادت السوق كله نحو الصعود والعكس حال انخفاضها، وهنا وجب التحذير من خطورة هذه القضية، فهذه عملات ليست افتراضية فقط بل وهمية أيضا وليس لها وجود سوى على أجهزة الكمبيوتر والموبايل، وليس لها أساس، ولا نعرف التجارة التي تغذيها أو تعتمد عليها أو مصير الأموال المستثمرة فيها.
البعض يظن أنه أصبح " مليونير" بين عشية وضحاها بعد احتفاظه بعملة واحدة أو اثنين من البيتكوين، إلا أنه لا يعلم أن إجراءات الحصول على هذه الأموال في صورتها الحقيقية لن تتم أبدا، فالبنوك المصرية لن تقبل أي تحويلات من الخارج ليس لها أساس أو بها مصدر شبهة، وحال حدوث ذلك ستكون الجهات المسئولة عن مكافحة غسل الأموال موجودة، وغالباً ما سيتم مصادرة هذه الأموال وضبط صاحبها، لذلك على الشباب ألا يتعلق بهذا الوهم الضائع، الذى يستهدف في المقام الأول تخريب الاقتصاد وخلق فوضى مالية ضخمة.
لا يمكن أن يتحول سكان العالم إلى مليونيرات بين عشية وضحاها، أو أن نجلس جميعاً خلف الشاشات لتعدين العملات الرقمية، ونترك العمل، فلو حدث هذا سنحتاج إلى كائنات فضائية لتقوم على أمور الصناعة والزراعة والنشاط الاقتصادى الحقيقى، لذلك على شبابنا أن يكونوا أكثر وعياً وفهما بفكرة " البيتكوين" وماقد تقود إليه العالم من مشكلات خطيرة عل كافة المستويات.