كان لى الحظ فى القرب من الراحل يوسف شعبان فى رحلة إلى المغرب لتكريمه فى مهرجان " الدار البيضاء للفيلم " وتقربت من ذلك النجم والمثقف الوطنى العاشق لتراب مصر والذى لم يكف عن الحديث عن مصر وعن حبه لها وعن مكانتها فى العالم العربى، وحكى لى الراحل عن بداياته وكيف أنه عانى كثيرا فى تحقيق حلمه، وسرد لى قصة اعتراض عبد الحليم حافظ على مشاركته معه فى فيلم "معبودة الجماهير"، وكيف توسطت له شادية وأعادته للدور الذى حاول العندليب استبعاده منه ، ولكنهما " العندليب وشعبان " أصبحا صديقيين فيما بعد حتى أن العندليب قبل وفاته طلب مقابلة يوسف شعبان.
يوسف شعبان يمتلك حكايات كثيرة وقصص كثيرة لا تنتهى، منها رحلته للمغرب من قبل ومقابلته لجلالة الملك " الحسن الثانى " حينما كان نقيبا للفنانين فى مصر، وكيف استقبله وتسامرا لمدة تجاوزت الساعتين فى قصر الملك ، كما حكى لى عن فترة توليه النقابة وخدمته لزملائه ، ومر الحديث عن بعض أعماله التى يعتبرها هو علامة فى مسيرته ومنها بكل تأكيد فى الدراما التليفزيونية مسلسل " المال والبنون "، و" والشهد والدموع " و" الضوء الشارد " وشخصية محسن بى ممتاز فى مسلسل " رافت الهجان " ، وفى السينما سألته على دوره فى فيلم " حمام الملاطيلى " وجرأته فى تقديمه وقال لى : قدمه الكثير من نجوم العالم وكنت أرغب فى تقديمه كنوع من التحدى .
حكايات يوسف شعبان لا تنتهى فهو من النوع الحكاء وبالتفاصيل الدقيقة ولكن حكايته التى سأرويها الآن حدثت أمامى وكنا كلما نتقابل كان يتذكرها ويضحك ، الفنان يوسف شعبان عقب تكريمه فى مهرجان الفيلم بالدار البيضاء عاد إلى غرفته فى الفندق ثم استدعانى قائلا : جمال المحفظة بتاعتى اتسرقت ، فقلت له : ازاى يا أستاذ معقولة ..طب انت دورت عليها كويس ، فقال لى : مش موجودة فى الشنطة ولا فى جيب البدلة اللى لبستها فى التكريم .
طلب منى أن نحرر محضر فى قسم الشرطة فاتصلت برئيس المهرجان المخرج محمد المشترى فحضر وتوجهنا إلى قسم الشرطة بصحبة النجم يوسف شعبان لتحرير محضر لأهمية الأوراق والكارنيهات والفيز وكل محتويات المحفظة وبمجرد دخولنا لقسم الشرطة انتفض الشرطى وقال : رئيس المخابرات بنفسه فى القسم .
استدعى الشرطى الذى فى الاستقبال مأمور القسم واستقبلنا أنا والنجم الراحل يوسف شعبان ورئيس المهرجان محمد المشترى وحرر لنا محضر ، وأطال فى تحريره ليجلس أكثر وقت مع النجم يوسف شعبان الذى يتمتع بشعبية كبيرة جدا فى المغرب والجميع كان يناديه بمحسن بيه ممتاز ويلتقطون معه الصور التذكارية .
من عادتى فى كل بلد أسافر إليها أن اشترى الجرائد الشهيرة بها لأتعرف على حال البلاد ومشاكلها وهمومها وفوجئت بأن كل العناوين على الصفحات الأولى فى الجرائد هكذا : (سرقة بزطام يوسف شعبان) ، أو ( البحث عن بزطام يوسف شعبان " وعناوين كثيرة يتكرر فيها كلمة بزطام التى سألت عن معناها أصدقائنا المغاربة فقالوا لى : بزطام تعنى المحفظة .
لم تنتهى الحكاية على هذه العناوين فى الصحف ولكن فى مساء اليوم كان هناك " عزومة " للمحافظ على شرف الفنان الكبير الراحل يوسف شعبان وتحدث وقتها عن حبه للمغرب وعشقه لها وعن الأوضاع آنذاك فى مصر ما بعد الثورة وسأله المحافظ عن "البزطام" فقال له يوسف شعبان : يا ريت ياسيادة المحافظ نلاقيها لأنها بها أوراق مهمة فوعده المحافظ بعودتها وقال له : أتمنى تكون مرتاح فى إقامتك لدينا بالمغرب ، فقال له : أنا اعشق المغرب بس الفندق اللى نازلين فيه غرفتى تطل على منظر خلفى لشارع جانبى ، وكنت أتمنى أن يكون المنظر أمامى مطل على الشرع الرئيسى ، وهنا فورا اتصل المحافظ بإدارة الفندق وطلب منهم تغيير الغرفة وبالفعل حينما عاد يوسف شعبان لمم أشيائه من غرفته لينقل إلى غرفة أخرى وهنا كانت المفاجأة فقد عثر يوسف شعبان على بزطامه ووجد " محفظته " فى أسفل " الدولاب " بالصدفة وهو يلمم ملابسه وأغراضه فاتصل بى وقال لى : أنا لقيت المحفظة فى الغرفة ، وفى ختام المهرجان أثناء توزيع الجوائز وتكريم النجمة فيفى عبده شكر الشرطة المغربية وقال أنه وجد البزطام.