العلاقات المصرية السودانية لا تحتاج إلى تساؤلات، أو تفسيرات، وسواء الزيارة التى يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، للسودان، أو الزيارات المتعددة للمسؤولين فى مصر والسودان، فهو الأمر الطبيعى فى علاقة شعب وادى النيل، بشكل يتجاوز فكرة أفريقية، مصر والتى تستعيد قوتها من خلال سياسة ودبلوماسية مستمرة على مدى 8 سنوات، شهدت الكثير من التطورات والأحداث، فى مصر والإقليم والعالم.
مصر الأفريقية تتحرك من خلال سياسة واضحة، عنوانها دعم التنمية والعلاقات الثنائية والجماعية، وتقديم كل ما يمكن إلى أشقاء القارة، وهو تحرك فى محيطها الطبيعى، والدائرة الأفريقية أحد أهم الدوائر الاستراتيجية المصرية التى تحرص مصر منذ تولى الرئيس السيسى، لاستعادة وهجها، بناءً على معطيات العصر، وتجرى مصر عملية تحديث لعلاقاتها فى محيطها الأفريقى بشكل يناسب قيمة هذه العلاقات.
ويظل السودان هو شقيق النهر والقارة، والتاريخ، فى كل وقت، ولهذا فقد تعددت زيارات الرئيس لأفريقيا بشكل عام، واليوم هى الزيارة الثانية منذ توليه.
ولم تتوقف الزيارات وعمليات التنسيق والتعاون بين مصر والسودان، وخلال الأسابيع الماضية شهدت عددًا من الزيارات المتبادلة لمسؤولين كبار فى البلدين، على المستويات الوزارية والاستراتيجية والأمنية والعسكرية، وهو ضمن التنسيق الطبيعى لعمق البلدين الشقيقين، واللذان يتأثران ويؤثران فى محيطهما القارى، وأيضًا فى دول الجوار شمالًا وغربًا وجنوبًا.
هناك إدراك فى كل من مصر والسودان لوحدة المصير والمصالح، فيما يتعلق بنهر النيل، والذى هو أساس الحياة فى البلدين، قبل وبعد ظهور قضية سد النهضة، حيث تحرص مصر والسودان على مساندة الدول الشركاء فى حوض النيل، مع التمسك بعدم الإضرار بمصالح أو حصص أى طرف. كما تحرص مصر على تأكيد اعتبار أمن السودان جزءًا من أمنها من دون مواربة، وأن أى تهديد يتعرض له الأشقاء هو تهديد لمصر.
وأكد الرئيس السيسى، دعم مصر للسودان، واعتبار «أمنه واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن مصر واستقرارها»، مؤكدًا أن للقاهرة نهج استراتيجى لدعم كل جوانب العلاقات الثنائية مع الخرطوم من أجل التعاون والبناء والتنمية، ترسيخًا للشراكة والعلاقات بين الشعبين، وأن القاهرة تساند كل جهود تعزيز السلام والاستقرار فى السودان خلال تلك المرحلة المفصلية من تاريخه.
من هنا فإن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، للخرطوم، هى تأكيد للتوافق بين الأشقاء، فيما يتعلق بالملفات الاستراتيجية، والمشتركة التى تناقشها الزيارة. وقد أعلنت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدى، أن الزيارة ستناقش العلاقات الثنائية بين القاهرة والخرطوم وسبل تطويرها، والملفات المشتركة والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وخلال زيارتها للقاهرة الأسبوع الماضى التقت وزيرة الخارجية السودانية الرئيس مع وزير الخارجية سامح فهمى، وطالب وزيرا خارجية مصر والسودان، إثيوبيا بإظهار حسن النية والانخراط فى عملية تفاوضية فعالة للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، بما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان، ويحد من أضرار هذا المشروع على دولتى المصب. بينما عاد من الخرطوم رئيس الأركان الفريق محمد فريد، بعد زيارة يومين، تم خلالها توقيع اتفاقية للتعاون المشترك فى مجالات التدريب والتنسيق العسكرى.
من هنا تأتى أهمية زيارة الرئيس السيسى، للسودان، فى وقت دقيق يتعلق بمصالح دائمة ومشتركة، واستراتيجية، تتعلق بالتنمية والأمن والحاضر والمستقبل.