تنعقد بين الآونة والأخرى مؤتمرات وندوات ولقاءات، ترفع لافتة رنانة وشعارا إعلاميا عن حوار الاديان، ثم ينفض المتحاورون دون أن يكون للقاءات والحوارات أي معنى أو فائدة تعود على رجل الشارع، سوى ورق ومجلدات توضع على الأرفف ولا تفيد الانسانية. أي حوار لا يحقق الهدف من التعرف والتعارف بين أهل الديانات المختلفة كتابية وغير كتابية، وبين المذاهب المختلفة في الدين الواحد، وبين المختلفين من أصحاب المذهب الواحد، حوار يجمع اللاهوتيين من رجال دين وعلماء وباحثين، وبين أساتذة فلسفة ومفكرين وتخصصات مختلفة، ومهن وأصحاب حرف وخبرات متنوعة، ليتعرفوا أولا على بعضهم البعض وثقافاتهم المختلفة، ثم يتناقشوا في المشتركات الانسانية، وطرق مواجهة التطرف والارهاب والمادية المفرطة وتسليع الانسان وكيفية عودة الاسرة الواحدة وتماسكها في زمن السوشيال ميديا والتمزق الاجتماعي. حوار يحاول ايجاد حلول لمشاكل البيئة والعدوان عليها وتجريف الأراضي وتلويث المياه والهواء.
حوار الأديان في العالم ينبغي أن يتضمن أسسا وحلولا واقعية للسلام الاجتماعي، ودعوة للتسامح في مواجهة دعاة العنف والحروب.
إن أي حوار لا يجمع تشكيلة إنسانية وفسيفساء عالمية، ولا يضع حلولا واقعية، لن يخرج- في رأيي عن كونه مجرد لقاءات مفرغة من مضمونها، لا تضيف للإنسانية أي شيء سوى أنها تقعر بالمصطلحات وتعريف المعرف وتكرار المكرر، بلا أي تأثير يذكر أو فائدة على الأرض.
الحوار بين الديانات أو أهل الديانات ضمنا، ليس مجرد تقليعة وموضة ولقاءات أمام عدسات المصورين، أو تظاهرة ثقافية تبرز وتختفي وقت الحاجة، بل يجب أن تكون هناك آليات عمل حقيقية ومبادرات واقعية للتعايش بين أهل الديانات والثقافات المختلفة.
كم من ملتقى وندوة ورسالة جامعية حملت لافتة الحوار، أصبحت ذكرى في المكتبات، لأنها بلا شفافية وأرقام حقيقية، ووقائع وتصورات وقراءات دقيقة للنصوص وماوراء النصوص، والفرق بين النص وفهم أصحاب الديانات للنصوص، لقاءات لم تتحول لبرنامج عمل وتطبيق حي على أرض الواقع.. هي مجرد حبر على ورق.. أفلا تعقلون؟