شاهدت، مؤخرا، فيلم "أخبار العالم News of the World " بطولة النجم الأمريكى توم هانكس، وبعدما انتهيت من المشاهدة، قلت "من أجل هذا نحب السينما، ومن أجل هذا نحب توم هانكس".
والفيلم من إنتاج 2020 و إخراج بول جرينجراس، ونظرا لانتشار فيروس كورونا، وأسباب أخرى، لم يحقق الفيلم إيرادات كبرى، وهذا الأمر ليس مقياسا لشيء، لقد أحببت الفيلم وأعليت فيه إنسانيته، فهو يدور فى مرحلة زمنية تلى نهاية الحرب الأهلية، حيث ينتقل الكابتن جيفرسون كايل كيد الذى يقوم بدروه توم هانكس، وهو من قدامى المحاربين، من بلدة إلى أخرى باعتباره قارئا للصحف، يقرأ للناس فى مقابل بسيط ويحدثهم عن الكوارث والقرارات الرسمية، ولكنه فى تكساس التقى مع "جوانا" وهى طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، ضائعة في الصحراء، كانت أسرتها من أصل ألمانى ولكنها اختار الحياة مع شعب "كيوا" وهناك قتلت أسرتها، قتلها الرجل الأبيض الذى يحمل على عاتقة مهنة مدنسة هى قتل السكان الأصليين والمختلفين معه.
يشير الفيلم بقوة إلى أن الإنسانية فى مفهومها الحقيقى هى القدرة على الاستماع لقلبك فى وقت الحرب والأزمات، وهذا ما حدث تماما مع الكابتن كيد فقد قرر أن يقوم بمهمة تبدو بسيطة، لكنها فى زمن الحرب تصبح بطولة، سعى لينقذ طفلة صغيرة من عالم خارج لتوه من الحرب، وواجه في سبيل ذلك الكثير من المعاناة.
المعنى الرئيسى الذى سعى إليه الفيلم، أن الحرب تفسد الجميع، لا أحد يربح من القتل والدمار، أمريكا فى سنة 1865 انتهت لتوها من الحرب الأهلية، لكن رائحة البارود لا تزال منتشرة فى الهواء، فالناس ساقطون تحت تأثير الخوف والفزع، أرواحهم تكسرت بالفعل والقلوب أصابها العطب وتحجرت، والرغبة فى ارتكاب الحماقات صارت طريقة للحياة و أحيانا للموت.
كل الشخصيات التى تظهر فى الفيلم، تأثرت بصورة أو بأخرى بالسنوات الأربع التى سقط فيها الجنوب والشمال الأمريكي في حرب مهلكة، لم ينج أحد من الدمار النفسى، وحده الكابتن جيفرسون كايل كيد ظل محتفظا بنفسه بعض الشيء، حتى أنه عندما التقى الرجل "فارلى" الذى يفتخر بكونه "يقتل السكان الأصليين ويسلخ فروة رؤسهم بيده" وطلب من "كيد" أن يقرأ صحيفته المحلية التى يكتب ويرسم فيها "فارلى" نفسه وهو يرتكب جرائمه، رفض "كيد" وفضل أن يحكى للناس عن عمال منجم استطاعوا أن ينجوا من حريق هائل.
يقول لنا الفيلم، تخلصوا من الحروب لأنها مدمرة، وإن فرضت عليكم لا تفقدوا إنسانيتكم أبدا.