من يطلع على مقالاتى فى «انفراد» فى السنوات الثلاث الأخيرة سيجد أغلبها عن الاحتقان الدينى فى المنيا، ويشاء القدر أن يكون المقالان الأخيران: «تحية للأسقف مكاريوس والناظر أحمد»، و«رسالة من قرية الإسماعيلية للرئيس السيسى»، الأول كان يحيى الأسقف العام للمنيا مكاريوس على موقفة فى درء «الفتنة»، بعد حرق كنيسة قرية الإسماعيلية بالمنيا، والثانى حول كيف حمى المسلمون المسيحيين بذات القرية، حينما ذهب الأسقف للصلاة فى مكان الكنيسة المحروقة، وحمل المقال رسالة من مواطنى القرية المسلمين، قبل المسيحيين، بضرورة فتح الكنيسة المغلقة بقرار أمنى!
بالطبع أفخر بأننى من المنيا التى شهدت حوالى %70 من خسائر مصر بعد فض الاعتصامات الإرهابية فى رابعة والنهضة، وكان الأنبا مكاريوس قد كتب شهادة فى كتاب عنوانه «رحيق الاستشهاد» يوثق لحرق 12 كنيسة ومنشأة مسيحية بالمنيا، وسلب ونهب 4 كنائس، وبلغت الخسائر أكثر من 80 منشأة مملوكة للأقباط، وقتل 6، منهم شابان حرقا فى باخرة، وكيف عبر قداسة البابا تواضروس الثانى عن تلك الملحمة بقوله: «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، وحمى الأنبا مكاريوس الوطن بتعليماته بعدم رد الشر بالشر، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، لم تسكت الخلايا النائمة للإرهابيين الإخوان، وتعرض المواطنون المصريون الأقباط فى المنيا من 2014 وحتى الآن، إلى 24 حادثا متنوعا، منها تصدى المتطرفين لبناء كنائس، وحرق كنائس وهجوم على ممتلكات، وعقاب جماعى، بواقع حادث تقريبا كل شهرين، وللأسف عقدت فى هذه الفترة 6 جلسات عرفية، ولم تنته قضية بشكل قانونى حتى الآن، إضافة إلى أن هناك ميراثا من زمن نظام مبارك، وهو إغلاق «أمن الدولة السابق» لبعض أماكن الصلاة (شبه الكنائس) لأسباب أمنية!!
ومن المعروف أن هناك 13 قرية من غرب مغاغة، وحتى غرب دير مواس تكررت فيها هذه الظواهر، مثل (ميانة، الجلاء، العور، أسمنت وعرب أسمنت والكرم، وأبو قرقاص، وصولا لدلجا والبدرمان، غرب ملوى ودير مواس) هذه القرى يتبعها حوالى 42 نجعا وتابعا، ليس بها كنائس، وتتواتر بها المشاكل، ومع احترامى وتقديرى لأهلى من سكان هذه القرى، فكانت الأكثر تصويتا للإسلام السياسى فى انتخابات برلمان 2012 ، والرئاسية فى 2013، ومن يدرس الضحايا فى اعتصامى رابعة والنهضة سيجد وجودا واضحا من قرى المنياا إلى حد أنه كانت هناك رحلات أسبوعية إلى هناك، وهى أيضا الأكثر فقرا، ويزداد بها بيزنس الآثار والسلاح، ورغم وضوح الرؤية لا يوجد أى جهد من الحكومة للتنمية، ومع احترامى للشرطة وشهدائها، إلا أن هناك شعورا متزايدا بأن المسؤولين الأمنيين فى أبو قرقاص وملوى ودير مواس، ليسوا على مستوى الكفاءة، من حيث المعلومات أو الرؤية، وليس أدل على ذلك من عدم إحباط الشرطة لأى مشكلة حدثت، بما فى ذلك مشكلة قرية الكرم التى تركت من الجمعة 20 مايو وحتى الثلاثاء 24 مايو، الأمر الذى استدعى أن تمارَس ضغوط على نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام، الذى اضطر لأن يسبق الدولة «المدنية» فى إصدار بيان «كنسى»، وتواترت الأحداث وتحول جميع المسؤولين إلى أطراف فى الأزمة!! حتى أنقذ الرئيس السيسى الموقف ببيانه الشهير، كما أننا لم نلحظ تحرك نواب أبو قرقاص، ولا الأحزاب السياسية لا مبكرا ولا متأخرا سوى ببيانات «هزيلة» أو دعوة للحلول العرفية البغيضة!
الوطن فى خطر، والأعداء يتربصون من جميع الجهات، ولا المجتمع المدنى ولا الحكومة تهتم بدراسة مشاكل المنيا، وللحديث بقية حول ضرورة دراسات للإنذار المبكر.