حتما هناك فارق كبير بين القراءة والثقافة، القراءة تعنى تحصيل معرفة، أما الثقافة فتعنى الاستفادة من هذه المعرفة، وطبعا لا تزال أمامنا أميال طويلة كى نصل إلى مرحلة الثقافة حتى لو تزايد زمن القراء.
يقول لنا علماء الاجتماع إن ما نعانيه فى حياتنا هو ركام سنوات طويلة من التكريس لأفكار معينة، حتى صار نقاشها والخروج عليها أمرا صعبا، فقد حدث خلط واضح بين الدين والتقاليد، بين النص ورأى الشيوخ، هذا الخلط هو ما جعلنا دائما فى هذا الموقف الصعب.
إن ما حدث، أمس، من شماتة فى رحيل الكاتبة الكبيرة نوال السعداوى، لم يمثل لى أية مفاجأة، فقد كنت أتوقعه تماما، حتى من القراء الذين يقرأون الكتب الفكرية والروايات والشعر ويجادلون فى الأفكار تاريخها ومستقبلها وينشرون كتبهم ويطلبون من الناس أن تقرأ أفكارهم، أقول حتى هؤلاء لم يفاجئونى، لأن الأمر أكبر من قراءة كتاب أو مائة أو حتى ربع مليون كتاب.
الثقافة شىء يرتبط بالفكر والسلوك، والمعرفة شىء يرتبط بالذاكرة واللسان، هكذا أفكر دائما، كلما حاولت أن أفرق بين المصطلحين، وبالتالى قد تزيد المعرفة، ولكن هذا لا يعنى أن الثقافة زادت.
ما حدث دال جدا على أن المسيرة طويلة جدا، وأن الثقافة أمر لا علاقة له بشكل المكتبات ولا بعدد الكتب المرصوصة فيها، فنحن حتى الآن لا نملك طريقة حضارية لتقبل الآخر أو حتى رفضه بطريقة لائقة، لا نزال نؤمن بنفى الآخر وإلغائه تماما.