القضاء على الفقر كان مطلبا رئيسيا للكثيرين في مصر، بل وكثير من المؤسسات الدولية والجمعيات الحقوقية سلطت الضوء على هذه الظاهرة، وبالرغم أن نسب الفقر في مصر متوسطة بالنسبة لدول العالم، إلا أن التركيز عليها كان واضحا للغاية بل وكثير من الفضائيات والصحف المعادية كانت تتخذ منها ذريعة للهجوم على مصر من آن لآخر.
مبادرة "حياة كريمة" كان تحركا مهما للغاية من قبل الدولة المصرية، فلم ترد الحكومة على الهجوم عليها من منبر إعلامى هذه المرة بل تحركت على الأرض وبفاعلية لتحسين الأوضاع المعيشية لكثير من القاطنين في القرى الريفية بالمحافظات المختلفة، والأمر الجيد أن المبادرة تخللت كثير من القطاعات سواء تطوير شبكات الصرف الصحى ومياه الشرب أو البنية التحتية لهذه القرى وكذلك المنازل والأسقف ورصدت لها الحكومة ميزانية ضخمة تعدت الـ500 مليار جنيه.
المبادرة التي انطلقت مطلع 2019 كان لها أثر جيد على تغير نسب الفقر في مصر، فقد انخفضت معدلات الفقر إلى 29.74% في عام 2019/2020 مقابل 32.4 في عام 2017/2018، ومن المتوقع أن تستمر معدلات الفقر في الانخفاض هذا العام، وبالرغم من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم بسبب انتشار جائحة كورونا، إلا أن الحكومة نفذت هذه المبادرة ووجهت لها كثير من الأموال في خطوة تعبر أيضا عن تحسن أوضاع الاقتصاد المصرى ككل.
ولم تكن "حياة كريمة" مجرد مبادرة أطلقتها الدولة بجهود حكومية فقط، وإنما فتحت الدولة الباب أمام كثير من رجال الأعمال والجمعيات الأهلية للمشاركة فيها، وهو ما كان له الأثر الجيد لتقديم صورة نموذجية عن تكاتف المجتمع في القضاء على ظاهرة الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ولما كانت النسب الأكبر من الفقر تنتشر في القرى الريفية فقد وجهت الدولة مبادرتها للقرى الأكثر احتياجا في مصر وغالبيتها تقع في الريف.
وكثير من هذه القرى كان بعيدا عن وسائل الإعلام ولم يكن لقاطنيها صوت مسموع كما أن الحكومة على فترات كبيرة كانت تنأى بنفسها عن فتح مثل هذه الملفات نظرا لما تتضمنه من تكلفة اقتصادية كبيرة كانت لا تقوى عليها في كثير من الفترات، ولم تستثمر المبادرة مشروعاتها في البنية التحتية لهذه القرى فحسب بل عكفت على بناء المواطن نفسه وقدمت تدريب لكثير من قاطنى هذه القرى كما عملت على توفير كثير من التجمعات الصناعية وأنشأت المزيد من الفصول الدراسية لتطوير التعليم بداخلها.
حياة كريمة ستكون واحدة من أهم النقاط المضيئة في عمل الحكومة الحالية فكثير من الحكومات حين تضع خططها وبرامجها الإنمائية لا توجهها لفئات بعينها بل تضع خطة لعامة السكان، أما في مصر فقد اختلف الأمر ووجهت الحكومة خطة كاملة لفئة الفقراء ومحدودى الدخل، وهى خطوة تعبر عن رغبة حقيقية من قبل الدولة لرفع المعاناة عن كاهل كثير من مواطنيها وتحسين أوضاع معيشتهم بغض النظر عن الكلفة الاقتصادية لهذا الأمر.