نعم، حادث اصطدام القطارين بسوهاج، والذى تسبب فى وقوع ضحايا ومصابين، أمس الجمعة، مؤلم وموجع، ولا يمكن لصاحب ضمير حى إلا أن يتألم ويتعاطف مع أسر الضحايا، ويدعو لهم بالرحمة، ويتمنى الشفاء للمصابين.
لكن، ووسط المحنة، تولد المنحة، وما حدث من تحرك رأس السلطة فى مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسى، مشكلا إدارة أزمة، عقب الحادث مباشرة، للمتابعة والتحقيق، وبسرعة مذهلة، ضمت هيئة الرقابة الإدارية والهيئة الهندسية والكلية الفنية العسكرية وكلية الهندسة للتحقيق فى أسباب الحادث، وكشف كافة الملابسات الخاصة بالواقعة والوقوف على الاسباب والمسئوليات.
وتوجيهه لرئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، سريعا، بالتحرك إلى مكان الحادث، مصطحبا معه 5 وزراء، وهم وزيرة الصحة، ووزيرة التضامن الاجتماعى، ووزير التعليم العالى، ووزير النقل، ووزير التنمية المحلية، وذلك لمتابعة الحادث عن قرب، ودعم أسر الضحايا، كما تم تكليف القوات المسلحة بالمشاركة فى نقل المصابين والرعاية الطبية، بجانب انتقال النائب العام، المستشار حمادة الصاوى، لمعاينة الحادث.
المنحة التى ولدت من رحم المحنة، كانت فى كيفية "إدارة الأزمة" والسرعة فى التحرك، وانتقال رئيس الحكومة و5 وزراء، بجانب النائب العام، وتشكيل لجنة عالية المستوى للتحقيق فى الحادث، وملابساته.
فن إدارة، وبسرعة مذهلة، يؤكد احترافية رأس السلطة، ونضوج المؤسسات، وعزف سيمفونية أداء متناغم، كل يعرف دوره بعناية، وهو ما كانت تعانى منه مصر طوال العقود الماضية، وإذا ذهبنا إلى أرشيف الصحف طوال الـ 50 عاما الماضية، سنجد العناوين المتصدرة فى الصفحات الأولى عقب كل حدث مشابه، تسأل عن "إدارة الأزمة" وكيف أن بلادنا تفتقد لفن دارة أزماتها بسرعة وكفاءة.
السؤال العتيق، وطوال نصف قرن، كانت اجابته بوضوح أمس، عندما رأينا كيف كان تحرك القيادة السياسية وإدارتها للأزمة، بسرعة مذهلة، وتوجيه المؤسسات المعنية، للتحقيق والمتابعة، وتكليف رئيس الحكومة يذهب بنفسه مصطحبا وزراءه المعنيين، ليكون بين أهالى الضحايا، ويطمئنوا على المصابين، وتذليل كافة العقبات، وتقديم كل أنواع الدعم والمساندة.. مع توجيه رسائل حاسمة وقوية بمحاسبة كل مقصر، والضرب بيد من حديد على أعناق الفاسدين.
وكان اللافت أيضا، الالتفاف الشعبى، معانقا التحرك الرسمي، لإدارة أزمة الحادث المؤلم أمس، مشكلا حالة تماهى في الدعم والمساندة، ما عدا جماعة الإخوان الإرهابية والمتعاطفين معهم، أظهروا كَماً من الشماتة، والتشفي، فى الحادث، وأطلقوا كتائبهم، وذبابهم الإليكترونى، لتدشين وصلات تنظير وسفسطة مقيتة، عن أسباب الحادث وتكراره، وكأن الحوادث تقع فى مصر فقط، ولا تقع فى الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا واليابان..!!
نعم، ندين الحادث بقوة، ونطالب بمواجهة الفساد واجتثاثه من جذوره، لكن لابد أن يعلم الجميع، أن ملف النقل، وتحديدا ملف السكك الحديدية، يئن تحت وطأة الإهمال والفساد منذ عقود طويلة، وأن هناك حالة فرمطة كبرى تجرى لقطاع النقل، وتحديث اسطوله، وتطوير أدواته، وتدريب عماله.