قوة المنتخب التى اعتدنا عليها فى السنوات الماضية تكمن فى الروح الحماسية للاعبيه، تلك التى تظهر فى الأوقات الصعبة فتتخطى الصعاب وتقهر الخصوم مهما كانت قوتهم، وهو ما ظهر جلياً فى فترة حسن شحاتة التاريخية والجيل الذهبى الذى توج بثلاث بطولات أفريقية على التوالى جعلت الفراعنة متربعاً على عرش القارة، لذا أيقن الجميع أن أولى خطوات استعادة أمجاد الفراعنة وقوتهم القتالية تبدأ من داخل غرف الملابس.
تداولت أنباء فى الساعات الماضية حول الأسباب الحقيقية لعدم مشاركة محمد الننى فى مباراة المنتخب الأخيرة أمام كينيا والتى انتهت بالتعادل بهدف لكلا المنتخبين وتأهل الفراعنة إلى أمم أفريقيا رسمياً، وادعت تلك التقارير التى تداولتها المواقع والقنوات الفضائية "تمرد" لاعب أرسنال ضد مدربه ورفضه المشاركة فى المباراة بداعى أحقيته بالمشاركة من البداية أو تأخر إشراكه، الأمر الذى لا يليق بلاعب محترف فى الدورى الإنجليزى كما لا يليق بتاريخ الننى كأحد قادة المنتخب الوطنى.
بداية لا أدافع عن النني، ولو صحت تلك التقارير برفضه المشاركة فى المباراة لتوجب توقيع عقوبة باستبعاده من صفوف المنتخب لعدم تكرار تلك الواقعة من أحد زملائه مرة أخرى إرثاءً لمبدأ لا أحد فوق القانون، لأن احترام قرارات المدرب مقدسة وتنفيذ تعليماته داخل الملعب واجب على الجميع مهما كانت نجوميته، ولكن هل يوضح البدرى الأسباب الحقيقية لعدم إشراك الننى، وما إذا كانت فنية أم لأسباب أخرى، وفى حال ثبوت تمرد الننى لماذا لم يتخذ المنتخب قراراً بمعاقبة اللاعب بدلاً من ضمه لقائمة مباراة جزر القمر.
يؤكد العديد من الصحفيين المتابعين لملف المنتخب ممكن يرافقون لاعبى المنتخب سواء فى رحلاته الخارجية أو المعسكرات المغلقة، أن محمد النني لاعب خلوق وليس مثيرا للأزمات، كما يحظى بحب واحترام الجميع داخل غرف الملابس، كما لم تثبت الوقائع السابقة افتعاله أى أزمات سواء مع أحد زملائه أو مدربيه في المعسكرات أو حتى بالمباريات، إلا أن واقعة مباراة كينيا تبدو غريبة الأمر الذى يثير استغراب الجميع، خاصة إذا كان المدرب هو حسام البدرى المعروف بعناده الشديد، وهو ما ظهر في إصراره في الإبقاء على حمدى فتحى رغم خشونة اللعب من لاعبى كينيا وتعرضه لأكثر من ضربة انتهت إحداها بكسر في ذراعة يتسبب في غيابه لشهرين، بالإضافة لإصراره على اصطحاب أيمن أشرف المصاب فى الركبة لرحلة كينيا قبل عودته للأهلى بعد العودة للقاهرة لاستكمال العلاج، وتجاهل ضم رمضان صبحى بداعى الإصابة في حين ظهر لاعب بيراميدز في رحلة تسوق بدبى.
وعندما حاول البدرى تفسير أسباب عدم إشراك الننى في مباراة كينيا، فجاءت مبرراته غريبة وبعيدة عن الواقع، وقال مدرب المنتخب الوطنى عن عدم مشاركة الننى، إنه شارك في مران واحد قبل السفر إلى كينيا، و"هناك معايير أخرى فنية أنظر لها"، متناسياً أن الننى حضر بصحبة تريزيجه من إنجلترا على نفس الطائرة، في حين شارك نجم أستون فيلا في المباراة ولم يشارك نجم أرسنال، على الرغم من عودته للمشاركة الأساسية مع فريقه الإنجليزى وتقديمه مستويات متميزة وآخرها إحرازه هدفاً عالمياً أمام أولمبياكوس في فوز فريقه بثلاثية باليوروباليج وحوله إلى حديث صحف إنجلترا.
السؤال هنا: لماذا قرر البدرى الاستعانة بالننى فى حين أنه لا يحتاجه أو يمتلك البدائل الأخرى، وهل يمتلك البدرى بديلاً حقيقياً يستحق اللعب بدلاً من الننى؟، ومتى يوضح البدرى تلك المعايير التي أشار إليها، وما إذا كانت فنية أم معايير أخرى لها علاقة مثلاً بـ"شارة" المنتخب، وهل اجتمع البدرى بكبار الفريق للتشاور فى منحها لحجازى أم لا.. جهاز المنتخب أصبح مطالباً بالإجابة على العديد من التساؤلات التى تشغل بال الجماهير الداعمة لمنتخب بلادها وتسعى لاستعادة أمجاده للفوز بالبطولة القارية الغائبة.
البدرى يجب أن يخلع عباءة الأهلى، لأنه يتعامل على أنه مدرب الأهلى وليس مدرباً لمنتخب مصر، الأمر الذى يحتم عليه التعامل باحترافية واحتواء مختلف الأعمار السنية لصناعة توليفة داخل وخارج غرف الملابس، يجب أن يدرس مدرب المنتخب طريقة تعامل كلوب مثلا مع لاعبى ليفربول، وكيف يتعامل بيب جوارديولا مع نجوم مان سيتى، فى الفوز والهزيمة، فى الأفراح والأزمات، وكيف يحتوى غضب هؤلاء النجوم لكسب ثقتهم من جديد واستعادة تألقهم، لأنهم يعون جيداً أن قوة الفريق تكمن فى استقراره، واستقراره لا يتحقق إلا من خلال غرف الملابس.