كلما قرأت قصيدة محمود درويش "الأرض" حيث يقول "أنا الأرض، والأرض أنت، خديجة! لا تغلقى الباب، لا تدخلى فى الغياب، سنطردهم من إناء الزهو وحبل الغسيل سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل سنطردهم من هواء الجليل، فكرت فى خديجة فى وحالها، وفى الفتاة الفلسطينية التى خلدها الموت وخلدها محمود درويش فى قصيدته.
إنها قصة الشهيدة الفلسطينية "خديجة شواهنة" التى استشهدت يوم الثلاثين من مارس عام 1976، وقد كانت خديجة شابة صغيرة عمرها لا يتجاوز ثلاثة وعشرون عاماً عندما خرقت رصاصات العدو الإسرائيلى.
تقول القصة إنه فى صبيحة يوم الارض تعالت أصوات الصراخ من البلدة فتوجه اخ الشهيدة خالد والبالغ آنذاك تسعة أعوام للاطلاع على الأمر فطلبت الأم من الأخت الكبرى خديجة اللحاق به، ولكن قلب الأم شعر بأن خطرا ما يحدق بأبنائها فأسرعت ورائها فاصطدمتا بقوة من الجنود الذين طلبوا منهما العودة إلى البيت فورا لأن هناك أمرا بمنع التجول بالقرية وعندما أدارت خديجة ظهرها برفقة أمها إذا بنيران العدو، تخرج من فوهة بندقية الجندى القاتل لتخترق ظهر الشهيدة خديجة.
وفى شهر أذار تستيقظ الخيل
سيّدتى الارض
أى نشيد سيمشى على بطنك المتموّج، بعدى ؟
وأى نشيد يلالئم هذا الندى والبخور
كأنّ الهياكل تستفسر الان عن أنبياء فلسطينفى بدئها
المتواصل
هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة
هذا نشيدي
وهذا خروج المسيح من الجرح والريح
أخضر مثل البنات يغطى مساميرة وقيودي
وهذا نشيدي
وهذا صعود الفتى العربى الى الحلم والقدس …
فى شهرأذار تستيقظ الخيل .
سيّدتى الارض
والقمم اللولبيّة تبسطها الخيل سجّادة للصلاة السريعة
بين الرماح وبين دمى .
نصف دائرة ترجع الخيل قوسا
ويلمع وجهى ووجهك حيفا وعرسا
وفى شهر آذار ينخفض البحر عن أرضنا المستطيلة مثل
حصان على وتر الجنس .
فى شهر آذار ينتفض الجنس فى شجر الساحل العربيّ
وللموج أن يحبس الموج … أن يتموّج … أن
يتزوّج … أو يتضرّج بالقطن
أرجوك سيّدتى الأرض أن تسكنينى وأن تسكنيني
صهيلك
أرجوك أن تدفنينى مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج
والبندقية
أرجوك سيّدتى الأرض أن تخصبى عمرى المتمايل
بين سؤالين: كيف ؟ وأين؟
وهذا ربيعى الطليعيّ
هذا ربيعى النهائيّ
فى شهر آذار زوجت الأرض أشجارها.