أن يصل مبلغ الرشوة فى وزارة الصحة إلى 4.5 مليون جنيه، فهذا يعنى أن الأمر يتعلق بتسهيلات تقدر بعشرات الملايين، المتهم هو مستشار وزير الصحة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة، وتجهيز المستشفيات، ومعروف أن وزارة الصحة أكبر زبون للتجهيزات والأدوية وتتعامل سنويا بمليارات.
والرشوة محل الاتهام مقدمة من شركة مستلزمات طبية، نظير إرساء تركيب وحدة زرع نخاع بمستشفى معهد ناصر بالمخالفة للقانون.
المستشار المتهم مقرب من الوزير، وحضر معه من جامعة عين شمس، وأسند له الوزير المجالس الطبية والتجهيزات، وهى مهمة معقدة ومركبة، وتثير قضية من صلاحيات واسعة لشخص أو مجموعة أشخاص، يكون من سلطتهم التحكم فى مليارات، وهو أمر يفتح باب الفساد، ومع عدم افتراض أن أى مسؤول قد يكون قابلا للفساد، لكن مثل هذه المواقع التى تتعلق بالمناقصات والممارسات يجب أن تكون محكومة، وتتم من خلال لجان ورقابة، ولا نعرف ما مدى تطبيق القرارات الخاصة بأن تكون الرقابة الإدارية ممثلة فى الهيئات والجهات التى تتعامل مع المال العام.
مع الأخذ فى الاعتبار أن هيئة الرقابة الإدارية والأموال العامة يعملون بجد وتم بالفعل ضبط عدد من القضايا الكبرى، ومع هذا يتطلب الأمر تغيير النظام والطريقة، أكثر من مجرد وضع رقيب على كل موظف.
وزير الصحة من جهته أعلن أنه برىء من المستشار أو أى متورط فى الفساد، لكن من غير المنطقى أن يكون موظف أو مستتشار واحد ممسكا بسلطة إرساء مليارات، الأمر به ثغرات ينفذ منها الفساد، وهذه الثغرات هى التى يتسرب منها المال العام، وتضييع مليارات فى فجوات الفساد. ولايتعلق الفساد فقط بجانب واحد وإنما يمتد إلى صور كثيرة، منها وجود أجهزة وتجهيزات لا تحتاجها المستشفيات وتتكلف ملايين، بينما تعانى نفس المستشفيات من نقص أجهزة أخرى أكثر أهمية، وهو ما يتطلب الفصل بين التمويل والتوريد، وليس هذا فقط فى وزارة الصحة وإنما فى كل الوزارات والهيئات، الأمر الذى يضيع كل ما نفعله وأى مجهودات للبناء، ومعروف أن قطاع الصحة من القطاعات التى تعانى من نقص الإمكانات، وهذا النقص غالبا بسبب الإهدار وسوء إدارة الموارد.
الطبيعى أن تتم متابعة كل مسؤول يعمل وفى يده سلطة التعامل فى الملايين، بالطبع فإن وضع المسؤولين تحت أعين الرقابة، أمر مفيد، لكن الأكثر فائدة هو إغلاق الأبواب التى يأتى منها الفساد، وأغلبها هو نظام إدارى وبيروقراطى وتركيز السلطات فى إيدى أفراد منهم الشرفاء، ومنهم بالطبع قابلون للفساد، أو الفاسدون.