يجلس الواحد فينا فى غرفته، ويدور بعينيه فيكتشف أن هناك شيئا لا يعرفه، يراه لأول مرة على الرغم من أنه يعيش فى هذه الغرفة، فيقول لنفسه ما أضعفك أيها الإنسان.
بالمجمل فى حياتنا هناك أشياء لا نعرفها، نشعر بها ونحسها ونرى أدلة على وجودها، ولكننا لا نراها على مستوى العين، ومن هنا يأتى الإيمان كقيمة، لذا نتوقف عند قول الله تعالى "ويؤمنون بالغيب" وهذا فى ظني قمة المعنى، وهو منتشر فى مواضع كثيرة من المصحف الشريف، وبالطبع هو أصل من أصول الإيمان بالله، وأصل أيضا من أصول وجود الإنسان.
عندما أقرأ هذا المعنى فى القرآن، فإننى عادة أبدأ من التفكير فى الدين ولكن أتحرك إلى الحياة وما يحدث فيها، فالواحد منا لا يلم بكل شيء، وليس لديه معلومات عن كل شيء، ولكنه يشعر ويؤمن.
وفيما ينسب للنبى محمد عليه الصلاة والسلام، أنه قال عن الإيمان فيما معناه أنه هو "ما وقر فى القلب وصدقه العمل" أى ما استقر داخل القلب، فالقلب هو بوابة كل شىء، وبالتالى الإيمان أمر مرتبط بالعاطفة، لكنه ليس عاطفة مجردة، فهناك عمل "واضح ومحدد" يؤكد هذه العاطفة، فعندما أؤمن بأنني أستحق مكانة ما، فهناك عمل يأخذ بيدي إلى هذه العاطفة، وعندما أحب أسرتى وأؤمن بدوري فيها فهناك واجب علي القيام به من أجل هذه الأسرة.
فالإيمان هو حجر الأساس فى كل شيء، والعقل مطلوب، ولكن العقل محكوم، فما أعرفه أنا لا يعرفه غيرى، وما يعرفه غيرى لا أعرفه أنا، فالغيب درجات، وتصديق ما نلمسه فقط يعنى وجود نقص فى معرفتنا.
الإيمان يعني رؤية مستقبلية، لذا هو دافع قوي للنجاح، ولا يحمل أبدا أي معنى للتخاذل أو التواكل، بل على العكس سيكون دافعا قويا للعمل والأمل فى غد أفضل أكثر اتساعا وتحقيقا للأحلام فى العمر والرزق.