إن لله تعالى فى أيامه نفحات، فما أكثر هذه النفحات فى شهر الصيام شهر القرآن، وحديثنا اليوم عن خصوصية وعظمة الدعاء في الشهر الفضيل، فالصائم ممن لا ترد دعوته إذا أخلص فى صيامه وصدق مع الله، وقويت صلته بربه، ففى الحديث الشريف "ثلاث دعوات مستجابات: دعوَة الصائم، وَدعوَة المظلوم، ودعوة المسافرِ"، وقال صلى الله عليه وسلم، "ثلاث دعوات لَا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر".
لذا.. فإن العبدَ كلَّمـا عظُمت معرفتُه بالله، وكثر تضرعه لربه، وزاد خشوعه لخالقه، كان دعاؤه له أعظم وأجل، وانكسارُه بين يديه أشد، ولهذا كان أنبياء الله ورسله أعظمَ الناس تحقيقاً للدعاء، وقد أثنى الله عليهم بذلك فى القرآن الكريم، حيث قال تعالى "إِنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين"، فينبغى على المؤمن الصادق أن يغتنم هذه العبادة، وأن يغتنم أوقات هذا الشهر الكريم بالإقبال على الله بالدعاء والسؤال والإلحاح راغبا راهبا، كما أمرنا ربنا ونبينا.
ولأن الصيام لا يعنى الإمساك عن الطعام والشراب فقط، بل يجب أن يحرص العبد على أن تكون له دعوة كل يوم في هذا الشهر الفضيل، فلا تبخل على نفسك بهذه النعمة واغتنام هذه الفرصة، فإنَّ ربك قريب رحيم مجيب، لقوله تعالى "وإِذا سأَلَكَ عبادى عنِّي فإِنى قَرِيبٌ أُجيب دعوة الدَّاع إِذا دعان فَليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون".
وإذا كان الحفاظ على النفس يسبق أداء الفريضة، نقول فى ظل معاناتنا من كورونا وتداعياتها، ونحن نبحث عن نفحات ربانية، فالدعاء سلاحنا كى نتقرب إلى الله عز وجل أن يرفع هذه الغمة وهذا البلاء عنا، وأن يكون يقيننا بأن الل تعالى كفيل بكشف هذه الغمة، مع ضرورة الأخذ بأسباب الوقاية والسلامة باتباع الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعى، من باب حماية النفس والإحسان، لقوله تعالى: "وَلَا تُلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة وأحسِنوا إن الله يحب المحسنين".
وأخيرا .. يجب علينا أن نعلم أن الدعاء أعظم العبادات، وسلاح المؤمن، وشأنُه فى الإسلام كبير، ومكانته عالية فى الدين؛ إذ هو أجلُّ العبادات، لقول نبينا الكريم، "الدعاء هو العبادة" ولقوله تعالى "وقال ربكم ادعونى أستجب لكم".. فاللهم ارفع عنا الوباء والبلاء، وتقبل اللهم منا صيامنا وركوعنا وسجودنا.. وإلى لقاء أخر من نفحات رمضانية..