فى دفاتر السيرة المصرية، حكاية من أولها حلوة، ملفوفة لفة جاتوه على رأى بتوع الكورة يعنى.. وزى ما بنقول الخير أنواع، يعنى الخير ممكن يكون فى خوفك من إنك تعمل شىء، وسبحان الله تطلع الحاجة دى باب الخير كله، كمان الخير ممكن يكون فى الابتلاء.. يعنى فلان وفلانة اتطلقوا.. «يا لهوى»، العيال ضاعت، ثم فجأة تكتشف إن الطلاق ده فتح لواحد من الأطفال باب النجومية والنجاح كله.
هى دى الحياة، ما تظن أنه شر، تدابير ربنا ترسم لك بيه أحسن طريق للخير كله، يعنى مثلًا تعالى كده نبص على سيرة ومسيرة الراجل اللى ساب فى قلب وروح كل مصرى علامة.. علامة اسمها «مولاى».
النقشبندى، الرجل الذى حير الناس فى كل عصر وحين، اللى عاش لله ولناس الله.. فربنا أكرمه بخير هو الأعظم على الإطلاق وهو الخلود.
هل تعلم يا صديقى العزيز؟ أن ربنا رزق الشيخ النقشبندى بميعاد موته، أيوة كان عارف هيموت إمتى لدرجة أنه جهز نفسه وقبره وكل شىء من غير ما حد يعرف ولا حد يحس.
فجأة وعلى غير العادة، بعد صلاة الجمعة يوم 13 فبراير 1976 التليفزيون نقل الشعائر اللى كان بيقدمها الشيخ النقشبندى والصلاة خلصت، والناس اتلمت كالعادة عشان تاخد البركة من مولانا النقشبندى، بس على غير العادة ساب المسجد ومشى، المفروض إنه مسافر على طنطا، بس فجأة غير طريقه وراح على بيت أخوه فى العباسية خبط على الباب، وقال السلام عليكم ودخل للبيت طلب ورقة وقلم وكتب كلمتين فى ورقة ولف الورقة وقال لأخوه خليها معاك لوقت اللزوم ونزل سافر على طنطا وساب الورقة اللى هتشقلب حال الحدوتة كلها.
الشيخ النقشبندى ساب الورقة لأخوه وقاله افتحها وقت اللزوم ونزل جرى سافر على طنطا، حس بتعب شوية ونزل راح للدكتور فى مستشفى المبرة ويا دوب لسه بيشتكى للدكتور من ألم فى صدره كان السر الإلهى طلع، واستعاد ربنا روح عبده الشيخ النقشبندى.. مش عاوز أقولك إزاى مصر كانت حزينة فى الوقت ده؟ والصدمة كانت كبيرة على الناس إزاى؟! خصوصا أن الشيخ كان عمره 55 سنة.
بس اللى عاوز أقوله هو سر الورقة اللى سابها النقشبندى، كانت وصيته، كتب وصيته قبل وفاته وكأنه عرف ميعاده وطلب فى الوصية دى إن محدش يعمله ميتم ولا نعى فى الجرايد.. كفاية العزاء، ومات الراجل العظيم ده وفى جيبه 3 جنيهات بس ولا أملاك ولا أطيان ولا عقارات، وكان دايما بيقول: الله أكرمنا كى نكرم خلقه.. طيب ربنا كرمه إزاى ..؟!
شوف يا عزيزى ربنا كرم مولانا النقشبندى بأنه جعله من كل عسر يسر ومن كل شىء يشوفه البشر خير يعنى، وهو صغير أبوه وأمه اتطلقوا، خراب أهو.. بس اللى حصل إن والدة النقشبندى تزوجت الشيخ الموردى، وكأنه كان هدية اتوصفت لمولانا النقشبندى اتعلم على إيده وحفظ القرآن وعلمه الابتهال والإنشاد وبقى هو السر فى العظمة دى كلها.
نفس الحكاية حينما ذهب الشيخ النقشبندى لحضور فرح بنت الرئيس السادات، والرئيس قال لوجدى الحكيم، إن بليغ حمدى والنقشبندى لازم يشتغلوا مع بعض، وطبعًا وقتها كان بالنسبة لمولانا ده شر، هو مش عاوز ألحان وبليغ ملك الألحان الراقصة واتصل بوجدى الحكيم، وكان عاوز يتهرب من الموضوع، المهم كان لازم يتنفذ الأمر الرئاسى وطلع الخير كله من إيد بليغ.. طلع لحن مولاى اللى كتب لاسم النقشبندى الخلود كله.
الله يرحمه كان نعمة ربانية استثنائية زاهد مش عاوز حاجة من الدنيا، حينما سألوه عاوز كام فى الإذاعة عشان تسجل التواشيح، قالهم مش عاوز فلوس طلعونى الحج، لما استغربوا ليه عايش فى طنطا مش بتروح القاهرة بدل السفر والتعب.. قالهم سيدى السيد البدوى جالى فى المنام وقالى أعيش فى رحابه.
رحمة الله على الشيخ النقشبندى.. اللى من سيرته نتعلم إن الخير ممكن يكون جوه اكتر حاجة بنخاف منها.. أو بالبلدى كده اللى تخاف منه ميجيش أحسن منه.