تختلف القوانين والتشريعات حسب الأزمنة والبيئات المختلفة، وكلها تأتى للحماية من الظلم، من ألمه والإحساس به، ولكن هناك أنواع من الظلم صعب أن تقبض عليها القوانين منها "ظلم النفس".
نعم ظلم النفس هو الأصعب، لأن مرتكبه يظن أنه يفعل الصواب ولا يحس بمرارة الظلم، بل يعتقد بأنه ذكى وقادر وأنه يعمل على إسعاد نفسه، ولا يدرك أبدا أنه يوردها التهلكة فى الدنيا والآخرة.
وظلم النفس أشكال مختلفة منها أن تقتل في نفسك الشفقة على الآخرين والرأفة بالمحتاجين، ومنها أن تمنحها أكبر من قدرها وتظن بأنها ستنقذك مما قد تقع فيه.
ومن ظلم النفس أن تغتر وتقول على فضل الله إنما أوتيته على علم عندى، ومنه أن تجعل نفسك دائما فى حالة من القلق والخوف وأن تحاسبها على الكبيرة والصغيرة من أمور الدينا، ومنه ألا تهون عليها الأمور وأن تجعلها نفسا خبيثة مترصدة للآخرين ومتربصة بهم، وأن تمسك بها فرحة فى مصائب الناس فتشجعها ولا تلومها.
هذا النوع من الظلم عادة لا يشعر به الإنسان إلا فى الوقت الضائع، كما يقولون، عندما يمر العمر ونصل إلى أرذله أو عندما تقع مصيبة ما، حينها نستجدى النفس فلا نجد لها فضلا، نجدها جافة مسكونة بهواء فاسد وطموحات غير متحققة حتى الآن، نجدها مثقلة بأحجار الماضى وغارقة في ظلم نفسها وظلم الآخرين.
حينها لا نملك سوى أن نقول "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين".