منذ ظهور فيروس كورونا، ظهرت عشرات المصطلحات والأسماء التى تعبر عن معانى الأزمة، ولعل مناعة القطيع كانت أحد أهم وأكثر التعبيرات انتشارا، وتردد على ألسنة علماء وسياسيين وأطباء أن توقيت وصول العالم إلى مناعة القطيع محددا بنهاية عام 2020، لكن اقترب العام الثانى من منتصفه وما زال تحقيق مناعة القطيع بعيدا وحتى مع البدء فى تلقيح أكبر عدد من الناس فى العالم ما زال الفيروس ينتشر بشكل كبير ويصل الى درجة الكارثة فى دول مثل الهند، التى بدأت منذ شهور عملية تلقيح واسعة لمواطنيها، ولم تكتف الهند باللقاحات المعروفة لكن تم الإعلان عن طرح 7 لقاحات وبدأت تطبيقها فى أنحاء البلاد، ومع هذا فقد وصلت الإصابات لدرجة مليون إصابة كل ثلاثة أيام، والأرقام فى ازدياد، مع تضاعف أرقام الوفيات من جراء كورونا، لدرجة إجراء عمليات حرق جماعى للجثث.
وما يحدث فى الهند يتكرر بدرجات أخرى فى دول مختلفة، وهو ما يعنى أن الفيروس فى موجته الحالية أكثر شراسة وأسرع انتشارا، وهو ما يتطلب المزيد من الحذر والحيطة والإجراءات الاحترازية، ففى مصر بالفعل ارتفعت الإصابات بشكل كبير، وكل المؤشرات تؤكد أن هذه الموجة أكثر شراسة، وقد أعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع 17 % فى الإصابات، وحتى بعيدا عن الأرقام فالأمر ظاهر بشكل كبير، فى محافظات مصر شمالا وجنوبا، والمفارقة أن هناك تجاهل للإجراءات الاحترازية والكمامات فى تجمعات مختلفة، بالرغم من ظهور واضح للإصابات، وقد أعلنت الحكومة إنهاء العام الدراسى والامتحانات أونلاين، وإن كانت الحكومة لم تقرر اتخاذ إجراءات حظر كامل أو جزئى، باعتبار أن الحالة ربما لا تستدعى.
ورغم فتح باب تسجيل وتقديم اللقاحات، فعن الأرقام التى سجلت بموقع الوزارة لا تزال أقل من المتوقع، وهو ما دفع عددا من الأطباء الكبار للظهور ومطالبة المواطنين بتلقى اللقاح، مع نفى لأى معلومات حول خطر أو أعراض جانبية للقاحات، وقال الأطباء إن اللقاح وإن كان لا يمنع الإصابة لكنه يمنع الذهاب للمستشفى، أو الوفاة، ويجعل من السهل التعامل مع الفيروس، بما يقلل من الضغط على المستشفيات، خاصة بعد صدور أكثر من تقرير عن منظمات طبية دولية تؤكد سلامة لقاح أسترازينيكا، بعد ما تردد حوله من مخاوف.
وقد عادت التساؤلات حول الوقت الذى يمكن للعالم فيه أن يعود لحياته الطبيعية ويفتح أبوابه مثلما كان قبل كوفيد - 19، لكن الإجابة هنا ما زالت ضمن سياق التوقعات، فقد كان المعلن من البداية، أن إصابة 75 % من السكان على الأقل أو تلقيهم اللقاح، يعنى بناء مناعة مجتمعية، لكن عددا من العلماء قالوا إن ما يسمى مناعة القطيع، لا يمكن أن تتحقق فى مجتمع أو بلد واحد، وإنما يجب أن تكون عالمية، ولهذا يوصى العلماء بضرورة توزيع اللقاحات فى كل دول العالم، حتى يمكن الحديث عن مناعة فى العالم، لأنه طالما استمر الفيروس فى بلد واحد فهذا يعنى إمكانية تحوره، وانتشاره بقوة.
ومع هذا لم تتوقف التوقعات حول توقيت مناعة القطيع، وتوقع بعض مراكز التنبؤ بأن نهاية العام الحالى ربما تكون موعدا لبدء انتهاء كورونا، وفى روسيا توقعت نائبة رئيس الوزراء الروسى تاتيانا جوليكوفا، أن يكون «الموعد التقريبى لتحقيق مناعة القطيع فى روسيا هو سبتمبر 2021»، وسبق لها وقالت إن المناعة فى أغسطس الماضى بلغت 60 %، لكن فى المقابل ما زال بعض علماء الفيروسات يتوقعون أن يستمر الفيروس ربما إلى منتصف عام 2022، أو بعده، مع الدعوة لإقامة مراكز لرصد التحورات والسلالات التى يمكن أن تظهر، متمسكين بأن توزيع اللقاحات فى العالم كله هو السبيل لضمان وجود ما يسمى مناعة القطيع.