الترغيب والترهيب أسلوبان يحكمان العالم، يمكن ملاحظة ذلك فى كل الخطابات الحياتية التى نقرأها أو نسمعها، سواء الخطابات الرسمية المسئولة والشعبية الحياتية المعاشة، فيما يقوله القادة فى المحافل الدولية، وما يتحدث به الآباء إلى أبنائهم فى البيوت البسيطة وفى الحقول الفقيرة، ومن قبل كل ذلك كانت الكتب المقدسة تحتوى خطابات ترغيب وخطابات تهديد، ولكن فيها ما هو أجمل، وهو الجمع بين الترغيب والتهديد فى جملة واحدة.
عندما أقرأ فى سورة النساء قول الله سبحانه وتعالى "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا" ثم أرى العالم الممتلئ بأكل مال اليتامى وأكل الحرام أقول فى نفسى، ألم يقرأ الناس هذه الآية، أم قرأوها ولم ينتبهوا لما فيها، أم انتبهوا ولم يصدقوا، أم صدقوا ونسوا وأخذتهم الحياة.
كل منا معرض أن يموت فجأة، وأن يترك خلفه ذرية ضعيفة، بالطبع هو يضمن لها رحمة الله سبحانه وتعالى، لكنه لا يضمن الحياة وخداعها ومصاعبها، كلنا معرض لذلك، لذا تقول لنا الآية إن أمامنا فرصة لحماية أبنائنا وذلك بأشياء منها عدم ظلم الضعفاء الذين يعيشون معنا سواء أكانوا أقرباءنا أو كنا مسئولين عنهم أو حتى من يؤخذ رأينا فيهم.
فى الآية ترغيب، وذلك لأنها تقدم أسلوب الأمل وتمهد للنجاة، تقول لنا إننا لو التزمنا ولم نظلم الآخرين فإن أبناءنا سوف ينجون بفضل ما قمنا به من خير، على الأقل سوف يجدون من ينصرهم ويقف بجانبهم.
وفى الآية أسلوب ترهيب، لأنها تقول لنا إن ظلمنا أو أكلنا حقا ليس لنا أو شهدنا زورا أو قلنا قولا غير سديد، فإن أبناءنا الذين نفعل كل ذلك من أجلهم ونرتكب الموبقات كى يصبحوا أقوياء سوف يدفعون ثمن سوء أفعالنا، على الأقل لن نجد من ينصفهم.
تقول لنا هذه المعانى، إن الأمر بسيط، فليس سوى أن نقول القول السديد السليم، قول الحق الذى لا يضيع الحقوق ولا يضيع حقوق الناس.