لا يزال الانقسام السياسي هو سيد الموقف بين المكونات الليبية رغم تشكيل حكومة وحدة وطنية في البلاد منذ أسابيع قليلة، وذلك في ظل حالة من التحشيد الإعلامي وخطاب الكراهية المسيطر على الساحة الليبية خلال الفترة الماضية، وهو ما يثير تخوف السلطة التنفيذية الجديدة في تنفيذ المهام الموكلة إليها.
الانقسام السياسي بين المكونات الليبية سيكون له تداعيات خطيرة في المشهد الليبي الذي يعاني منذ سنوات ويتطلع للأمن والاستقرار، وهو ما يحتاج لتفعيل مشروع المصالحة الوطنية الشاملة الذي طرحه المجلس الرئاسي خلال الأسابيع القليلة الماضية، أملا في تحقيق وتفعيل هذا المشروع الوطني الذي يحتاج لدعم من الشارع الليبي.
ليبيا في أمس الحاجة لتفعيل مشروع المصالحة الوطنية الشاملة تزامنا مع توحيد المؤسسات الليبية التي انقسمت خلال السنوات الماضية، وأهم هذه المؤسسات هي المؤسسة العسكرية التي تعد الضامن الرئيسي لأمن واستقرار ليبيا التي عانت من فراغ مؤسساتي أمني وعسكري عقب أحداث 17 فبراير.
الأزمة الكبيرة التي تعاني منها الدولة الليبية هي أزمة المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين يتواجدون في البلاد ويهددون اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 أكتوبر 2020، وهو ما يتطلب دور أممي ودولي أكثر فاعلية للضغط على الدول التي نقلت المرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى بعض المدن الليبية.
تحتاج اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" لدعم إقليمي ودولي قوي خلال الفترة المقبلة التي تتطلب تفعيل بعض بنود وقف إطلاق النار وفي مقدمتها فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، ووضع جدول زمني لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب وهو البند الذي يحتاج لتوافق بعض الدول الإقليمية والدولية التي تورطت في نقل المرتزقة لليبيا لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية.
وتطالب حكومة الوحدة الوطنية ممثلة في وزيرة الخارجية الدكتورة نجلاء المنقوش بالمطالبة بإخراج كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية دعما للتحركات التي تقودها السلطة الجديدة للحفاظ على سيادة واستقلال ليبيا، وهو التحرك الذى دعمته المكونات الليبية لأن الوزيرة تتحدث بلسان الشارع الليبي الذي يسعى لتحقيق السيادة والاستقلالية لليبيا.
العمل على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية يحتاج وقت طويل لبناء الثقة مجددا بين العسكريين الليبيين بعد المواجهات المسلحة الأخيرة، وهو ما يتطلب التركيز على ملف إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا في 24 ديسمبر المقبل، والعمل على إصدار القوانين والتشريعيات اللازمة لإجراء هذا الاستحقاق الديمقراطي قبل مطلع يوليو المقبل.
ليبيا ضحية لصراعات إقليمية ودولية تسعى لاستخدام الأراضي الليبية نقطة انطلاق لمصالح بعض الدول التي تتصارع بأطراف تقاتل بالوكالة عنها في ليبيا، وستساهم حالة الدعم العربي للسلطة الليبية الجديدة في تطبيق خارطة الطريق التي وضعها ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف.