إن الأنانية تثير قدرًا من الرعب؛ بحيث إننا اخترعنا السياسة لإخفائها، ولكنها تخترق كل الحجب وتفضح نفسها لدى كل مصادف
منذ الأمس ظلت هذه المقولة بالغة التدبر، للفنان والفيلسوف الألماني أرتور شوبنهاور، عالقة في ذهني، وبالتوزاي معها تعلقت الجمل الطويلة لوالد لاعب الأهلي مروان محسن، والتي تركزت كلها على مدار سنوات خمس في طلب الصبر على ابنه، وتحمله حتى يستعيد مستواه، حتى وإن كان هذا الصبر، وذلك التحمل على حساب مصلحة النادي وبطولاته، وعلى حساب مهاجمين آخرين يجلسون على دكة الاحتياطيين، حتى يستعيد اللاعب مستواه.
تزامن هذه المقولة مع مطالب الصبر من والد مروان على مروان، أثار داخلي الكثير من الرعب، وليس قدرًا منه فقط، ذلك أن الرجل ذاته الذي يطلب الصبر على ابنه خمس سنوات، لم يستطع هو الصبر على مهاجم شاب 60 دقيقة، وخرج بأنانية شديدة، يقول "ماذا فعل محمد شريف في مباراة الجونة"!
أرتور شوبنهاور قال إن السياسة تم اختراعها لإخفاء الأنانية، غير أن والد مروان محسن، بعدما فقد العدل والرحمة والصبر التي طالبنا بهم سنوات، فقد معهم السياسة، فلم يكن رجلاً عادلاً، ليتمكن من المقارنة المنطقية التي تجعله يصبر على لاعب شباب لدقائق، ولم يكن رحيمًا بالقدر الذي يجعله يترفع عن تدمير شاب صغير في بداية حياته، وهو الذي أفنى حياته يطالبنا بالصبر على ابنه الذي دمر أعصابنا لسنوات، وذاتها الأنانية البغيضة التي حرمته من فضيلة الصبر 60 دقيقة على شاب صغير، وهو الصابر والمطالب بالصبر خمس سنوات على ابنه، واستكمل مجموعة الفقد والحرمان من الفضائل، حتى افتقد معهم السياسة الكافية التي تجعله يكون أكثر ذكاءً، بالدرجة التي تجعله يخفي ما في صدره من حب للذات والابن، واستعداد لتدمير مستقبل كل من يقف في طريق ولده.
استكمل أرتور شوبنهاور جملته البليغة، بكلمات " ولكنها تخترق كل الحجب وتفضح نفسها لدى كل مصادف"، وهذا ما حدث بالفعل في حالة والد مروان محسن، فقد اخترقت الأنانية كل الحجب التي أخفت حب والد مروان محسن لنفسه وابنه فقط، وظهرت جلية، واضحة وضوح الشمس في هذه الأيام شديدة الحرارة، لكن ما يذهب بالعقل حقًا هو سؤال مفاده، من أين أتى والد مروان محسن بكل هذا التناقض، ولما لا يستتر المبتلى؟!... فكيف يا رجل تقدم لنا مجلدات في فضيلة الصبر لسنوات، ولا تصبر أنت دقائق؟.. وكيف تطلب الرحمة وأنت لا ترحم؟!... ولماذا تطب أعلى درجات العدل وأنت تفتقد أدنى تقديراته؟!
قبل خمسة أشهر كتبت عن تدخلات والد مروان محسن في قطاع الكرة وتفاصيلها في الأهلي، وقلت إن ذلك جديدًا على القلعة الحمراء، وبدعة شديدة السوء، لكن وقتها كان الحديث على قدر من التدخل بلغ حده تشجيع الابن ونصرته ظالمًا أو مظلومًا، غير أن هذه المرة خرجت الأمور حد محاولة تدمير الغير، ومحاربة شاب صغير يتحسس خطواته في عمله، فأي قدر من الظلم امتلكت يا دكتور حتى تظهر لنا كل هذا التجني والأنانية؟!
يا دكتور ثروت إن لم تعجبك مقولة الفيلسوف الألماني، فإني أحيلك إلى حديث به ضعف، نسب للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، والذي قال في معناه "إذا بليتم فاستتروا"، وأطالبك بستر نفسك يا دكتور مما ظهر منها، وما ابتليت به، وحب الخير للغير، وتمني التوفيق للجميع، فلعل ما يقف حائلاً في طريق نجاح ابنك وتوفيقه هو شيء في قلبك يحتاج للإصلاح، وخلل في ميزان عدلك يحتاج الضبط، وفقد لرحمة على الغير تحتاج أن يمنحها لك الله، حتى تستقيم أمور نجلك.
يا دكتور ثروت.. إذا بليتم فاستتروا