يحظي شهر رمضان الكريم على مدار التاريخ باهتمام بالغ من المصريين، حيث يوجد ذكريات وطقوس وعادات لها واقع خاص في عقل ووجدان كل مصرى، إلا أن ما يميزها عن غيرها أنك تجد الأيادى الشقيانة تعمر فى كل بقعة من بقاع المحروسة تحت شعار "العمل عبادة"، فلم تمنعهم ساعات الصيام الطويلة من البحث عن قوت يومهم، ولا بناء وطنهم، فالتكافل والعمل من أجل حياة كريمة لا يقف عند شهر رمضان بل ممتد طوال العام بما فيه الشهر المعظم.
وما يعظم أيضا هذا التميز، إصرار المصريين على الإنتاج والتفاؤل تزامنا مع عبادة الله والتقرب إليه، فرغم معاناة العالم أجمع من ويلات كورونا، إلا أن مصر تسلك كل المسارات، فتجدها والحمد لله على قدر المسئولية في تعاملها مع أزمة كوفيد 19، من حيث القرارات والإجراءات، وتجدها أيضا تسلك مسار الإصلاح والتعمير، من خلال البناء والإنتاج حتى في الشهر الفضيل، ونموذجا على ذلك ما يحدث الآن في مبادرة حياة كريمة التي تجوب محافظات الجمهورية للارتقاء بالريف والقرى والفئات الأكثر احتياجا، وتجدها أيضا على قدر المسئولية في التعامل مع تحديات المنطقة سواء على صعيد الأزمة الليبية أو الفلسطينية أو على صعيد أزمة سد النهضة، رافعة شعار الأمن القومى المصرى خط أحمر، ليؤكد كل ذلك أن الصلاح والإصلاح منهج لديها، والسلام والعدل طريقها نحو المستقبل.
فعلا "فيها حاجة تفرح" فعندما ترى ما تقدمه "حياة كريمة" لخدمة البسطاء في شهر الصوم، تلك المبادرة الرئاسية التى تهدف إلى التدخل العاجل لتكريم الإنسان المصرى وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم، فلا يكون هناك استغراب من حركة العمل والبناء فى الشوارع والميادين والقرى، فها هى أيادى شقيانة لم تمنعها اشعة الشمس من كسب القوت، وتلك معدات تحفر وتنشىء، وذاك مواطنون فرحون بما يحدث في قراهم من تعمير، سواء بإنشاء مشروعات صرف صحى تنقذهم من برك المياه الجوفية، أو إنشاء وحدات صحية تعالج أبنائهم أو إنشاء مكاتب خدمية تريحهم من مشقة السفر للبندر والحضر، أو حدوث تكافل وكرامة لشيوخهم وأراملهم، أو إدخال السعادة بتزويج فتياتهم اليتيمات، كل هذا يحدث الآن وفى هذا الشهر الفضيل.
وختاما، فإن فى مصر "صيام وعمل"، حيث تجد أروع أعمال الخير والتكافل بين أبناء الوطن، محتفظين بعاداتهم وطقوسهم الرمضانية في جو من الألفة والمحبة والقدسية، وفى نفس الوقت تجد عملا وإخلاصا لتعمير الوطن وبنائه، ومواصلة مسيرة الإصلاح والصلاح، مطبقين منهج الشرع الشريف، الذى جعل العمل والعبادة قيمتين متلازمتين؛ فالعبادة عمل يتقرب به العبد إلى مولاه، كما أن العمل طاعة لله تعالى، فهذا مصر وهذا ما يميزها ولهذا فهى محفوظة بحفظه لليوم الدين..