يظن البعض أن الدين دعوة للخضوع وعدم التفكير والسمع والطاعة المطلقة، وهذا غير صحيح فالدين خضوع لله فقط لأوامره ونواهيه، وليس خضوعا لمخلوقات الله، بل هو فى الحقيقة دعوة لأن تكون لنا وجهة نظر فى كل ما يحيط بنا.
نحن عادة ما نُخدع بشبابنا وقوتنا وما نملك، ويترتب على ذلك أن تعمى أبصارنا فلا نرى الضعف الكامن فى كل شىء حولنا وفى أنفسنا قبل ذلك.
من ناحية أخرى فإن الواحد منا إذا ما ظل فى مكانه لن يتعلم شيئا، ولن يرى قدرة الله متجلية فى كل ما يحيط به، لذا فإن الخروج من دوائرنا الضيقة فيه متسع للمعرفة، حيث تبدأ البصيرة فى إلقاء ضوئها علينا، فنعرف أننا مجرد شىء صغير جدا فى العالم الواسع.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الأنعام "قُلْ سِيرُواْ فِى الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ"، عندما أقرأ هذه الآية، لا أقصرها فقط على المعنى الدينى والجانب الوعظى على أهميته، ولكننى أراها على المستوى الاجتماعى أيضا، فإذا سرنا فى الأرض رأينا الفقراء المعدمين والأغنياء المترفين ولمحنا الخير والشر فى الطرفين، وكيف أن الرضا والطمع يجتمعان في الطبقتين، وإذا سرنا قابلنا المخلصين والتقينا المخادعين أيضا، وتعلمنا أن الإنسان بصير على نفسه يستعين بالله فى سعيه على أمور دنياه، ورأينا الخراب والعمار، والآثار الدالة على أن أقواما سبقتنا عاشت قبلنا وظنت أن قوتها لن تزول وأن بقاءها دائم لن يحول، والآن مجرد شواهد قبور، أو اسم يتوارى خلف أسماء كثيرة يطول سردها.
"قل سيروا فى الأرض" السير يعنى الحركة والتعب وبذل المجهود، لذا نفهم أن معنى الحياة يحتاج سعيا على الأقدام ونظرا بالعقول والأفكار، كى نصل إلى الحكمة التي مفادها أن الخروج من ذواتنا الضيقة ورؤية الآخر هو اليقين.