بات من المؤكد أن الأزمة الراهنة في ليبيا لن تحل إلا بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد 24 ديسمبر المقبل، ويعد هذا الخيار الوحيد القادر على حسم الصراعات بين المكونات الليبية وذلك بمنح الشعب الليبى حقوقه في اختيار من يمثله سواء في الرئاسة أو بالبرلمان الجديد.
الجميع يتحدث بلسان الشعب الليبى الذى لا ينصب إليه أحد ويتابع مشكلاته وصرخاته التي تدوى في أصداء المدن منذ سنوات، فهذا الشعب الكريم المتسامح لا يريد شيئا سوى الأمن والاستقرار والتنمية في بلاده وملاحقة كافة الفاسدين والسارقين الذين نهبوا ثرواته خلال الفترة الماضية.
كيانات سياسية وحزبية ومؤسسات آخرى تنصب نفسها ناطقة باسم الشعب الليبى وهو الذى لم يكلف أحدا للتحدث باسمه أو لسانه لأنه قادر على التعبير عن رأيه بكل صراحة ووضوح، لذا إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل هي ضرورة ملحة وخيار لا مفر منه باعتباره أحد الاستحقاقات التي ينتظرها الشعب الليبى منذ سنوات.
هذه الانتخابات حال إجراؤها ستشهد تحولات دراماتيكية خاصة أن جيل جديد من الشباب الليبى الذى يحق له التصويت نشأ في ظروف صعبة شهدت خلالها ليبيا انقساما سياسيا وعسكريا انعكست سلبا على شخصية هؤلاء الشباب الذين يشكلون شريحة واسعة من المجتمع الليبى الذى يبلغ عدد سكانه حوالى 6.5 مليون مواطن ليبى.
التحركات الأخيرة التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا يان كوبيش تؤكد أن الأمم المتحدة لا تريد تكرار أخطاء الماضى بالدخول في مسارات سياسية ثانوية دون التوصل لحل كامل لهذه الأزمة التي تتطلب منح الليبيين حقهم في تقرير مصيرهم وتحديد من يحكمهم عبر الانتخابات المباشرة.
اللقاء الأخير بين رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح والمبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش يوم الثلاثاء الماضى كشف عن وجود تمسك كامل بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، وهو ما اتضح في رسائل المستشار عقيلة صالح والذى شدد على ضرورة الالتزام بموعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، وتأكيده على استعداد البرلمان تضمين القاعدة الدستورية التي يتوافق عليها ملتقى الحوار السياسي الليبى في الإعلان الدستوري، ملوحا بالعمل بقرار مجلس النواب الليبي رقم (05) لسنة 2014.م القاضي بإجراء الانتخابات الرئاسية بشكل مباشر من الشعب حال عدم التوافق من قبل أعضاء الملتقى على قاعدة دستورية، وأكد أن مقترح مشروع قانون انتخابات الرئيس من الشعب جاهز لعرضه على البرلمان الليبي.
ووسط حالة الانقسام السياسي والعسكرى في ليبيا تطالب شريحة واسعة من الليبيين بضرورة إجراء الانتخابات نهاية العام لحسم الصراع الذى دام لعقد كامل، وتجديد شرعية المؤسسات التشريعية والتنفيذية في البلاد وإنهاء المراحل الانتقالية التي استنزفت جزء كبير من طاقات وموارد وثروات الشعب الليبى.
ليبيا على استعداد لتنظيم العملية الانتخابية في البلاد والمفوضية العليا للانتخابات برئاسة الدكتور عماد السايح تحتاج لدعم حقيقى لعملها لتسهيل عملها في الترتيب للاستحقاقات الانتخابية، لذا يجب على حكومة الوحدة الوطنية تخصيص المبالغ المالية التي تحتاجها المفوضية عقب تمرير البرلمان الليبى للميزانية العامة للدولة لعام 2021.