كان بكاء حارس الأمن المصرى بإحدى مدارس الكويت يفطر القلب، تحدث عن جوعه وألمه ومعاناته بسبب تأخر راتبه لخمسة أشهر متواصلة، كان يبحث عن حقه بشرف، ووجد الأبواب موصدة بوجهه، فلجأ إلى الفيس بوك ليبث شكواه، لعل الضمائر تستيقظ ويحصل على حقه ليسد جوعه، لكنه وجد نفسه محتجزا دون تحقيق إلى أن تم الإفراج عنه، بعد حملة تضامن إنسانية.
بالتأكيد هى ليست الحالة الوحيدة، محركات البحث على الإنترنت تمتلئ بأخبار عديدة من نوعية: «قتل عامل مصرى، وطعن عامل مصرى، ضرب عامل مصرى،...»، وهى حوادث متكررة وتعطى انطباعا أوليا بأننا أمام واقع مؤلم لحال المصريين فى الخارج، فكثير من مظالمهم لا تجد سبيلا لحلها، وكثير منهم يشعر أنه بلا حقوق، وخارج نطاق أى حماية إذا تعرض للاعتداء عليه.
وضع المصريين فى الخارج يثير القلق والحزن، فهم لا يحظون بالمعاملة اللائقة ويتعرضون كثيرا للإهانة والتنمر والاستهزاء وبطرق مستفزة وبها قدر كبير من التعمد، وكثير منهم يحجم عن الشكوى حتى لا يتعرض للترحيل ويحافظ، قدر المستطاع، على عمله.
ورغم تحركات السفيرة نبيلة مكرم وزيرة، الهجرة وشؤون المصريين فى الخارج، لحل تلك المشاكل، وفق استراتيجية تهدف إلى ربط المغتربين بالوطن، ووقف الهجرة غير الشرعية، لكنها لم تحقق بعد مطالب المغتربين وحل مشاكلهم المتراكمة، بل ما زالت حركة الوزارة والحكومة بطيئة فى التعامل مع أزماتهم المزمنة.
فى إيطاليا على سبيل المثال، توجد الجالية المصرية الأكبر فى أوروبا، وقد وضعت مطالبها على صفحات الفيس بوك وانتقدت تباطؤ الوزارة فى تنفيذها، رغم أنها مطالب جديرة بالدراسة والعمل على حلها.
طلبت الجالية حل مشكلة التأمينات والمعاشات، وأن يكون هناك بروتوكول بين الحكومة المصرية والإيطالية من أجل حصول العامل المصرى فى إيطاليا على معاشه فى مصر، إذا ما قرر العودة، وهو مطلب جدير بالتنفيذ، لأنه حق أصيل لكل المصريين المغتربين إذا ما قرروا العودة لبلادهم، بعدما انتهت فرصة عملهم نتيجة التقدم فى العمر، وعلى الحكومة أن تتحرك بشكل أسرع مع البرلمان لتسهيل ذلك الطلب.
المطلب الآخر كان حل مشكلة نقل جثامين المتوفين، وهى حق آخر للمصرى أن يعود ليدفن فى وطنه بشكل كريم ولائق، وهناك كثير من التفاصيل غير اللائقة حول ضرورة إصدار شهادة إعسار «شهادة فقر» حتى تتحمل الجمعيات الخيرية تكاليف النقل، وهو أمر ينطوى على إهانة للمصرى، وعلى الوزارة بالتعاون مع الجاليات المصرية إيجاد حل دائم يحترم كرامة المصرى بعد وفاته فى الغربة.
وتحدثت الجالية عن ارتفاع تكاليف إصدار الأوراق الثبوتية المصرية بالمقارنة مع دخولهم، وبعضهم تحدث عن تأخر جوازات السفر لأكثر من أربعة أشهر، وهو ما يعرضهم لمخاطر قانونية عديدة، وطالبوا بقاعدة بيانات خاصة، وربط رقمى بين القاهرة وسفاراتنا فى الخارج لتسهيل إصدار الأوراق الثبوتية، وشهادات الميلاد، وبطاقات الرقم القومى.
وتحدثت الجالية عن التكاليف الباهظة للتعليم الحكومى المصرى فى إيطاليا، وعدم قدرة الأسر المصرية على تحمله، ومشقة الانتقال للطلبة المصريين داخل إيطاليا إلى السفارة فى روما، أو القنصلية فى ميلانو، وهو أمر جدير بالدراسة، خاصة مع توسع وزارة التربية والتعليم فى استخدام تقنيات التعليم عن بعد، ومن باب أولى تطبيقه على الطلبة فى إيطاليا.
كثير من مطالب هؤلاء المغتربين مشروعة ومنطقية، ولا يوجد مبرر لبطء حلها، مثل تخفيض أسعار «مصر للطيران» بالنسبة للمغتربين الذين يحتاجون السفر بشكل دائم، أو للمجموعات الراغبة فى قضاء إجازاتها فى وطنها الأم، وكذلك بحث الإعفاء الجمركى عن سياراتهم وممتلكاتهم الشخصية.
مطالب المصريين فى الخارج مشروعة، وتستحق من وزيرة الهجرة ورئيس الحكومة ومجلس النواب الاهتمام الكافى والعمل على حلها فى أقرب وقت.
محمود بسيونىرئيس الشبكة العربية للإعلام الرقمى وحقوق الإنسان