إن لله تعالى فى أيامه نفحات، فما أحوجنا إلى نفحات هذا الشهر المعظم فى ظل أزمة كورونا العالمية، وفى ظل مواصلة حلقات "نفحات رمضانية"، نتحدث اليوم عن زكاة الفطر، ودورها في تحقيق التكافل الاجتماعى بين الناس، وخاصة أن الإسلام دين المودة والمحبة والترابط بين الأغنياء والفقراء، وهو دين فرض للفقراء حقاً فى مال الأغنياء، حيث يقول جل شأنه "والذين فى أَموَالهم حق معلوم للسائل وَالمحروم".
وزكاة الفطر بمثابة "طعمة للمساكين"، فضلاً عما تحققه من تكافل بين المجتمع وتراحم، لهذا فرض الله فى عيد الفطر زكاة الفطر، وشُرعت الأضحية فى عيد الأضحى، فالهدف الأسمى لها، التوسعة على الفقراء والمحتاجين، لأن ترسيخ التكافل بين المجتمع أمر عظيم، لأنه يعمق الأخوة ونشر المودة وبث الرحمة بين أفراده، ما يجعله كأسرة واحدة متراصة يرحم فيها القوى الضعيف ويحسن فيه القادر إلى العاجز والغنى إلى الفقير.
لذا يجب على كل مسلم أن يُخرج زكاة فطره قبل صلاة العيد، وليست بعدها، كما يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، وهى واجبة على كل مسلم، لأنها طهرة للصائم، وتزكيةٌ للنفس، وإشاعة للمحبة والمودة داخل المجتمع لتتصافى القلوب ويفرح الجميع بالعيد فلا فرق بين غنى ولا فقير، بل أن من خصوصيات الزكاة الفطر أنها مفروضة على الأشخاص وليس على الأموال كزكاة المال، ما يؤكد أن هدف الإسلام من ذلك هو شد أواصر المجتمع، وإرساء مبدأ التكافل والتعاضد المالى.
والعظيم، أن بقدر ما تكون زكاة الفطر سبباً فى تفريج كرب الفقير والمحتاج، بقدر ما تعود على منفقها من الخير والفضل والبركة من الله تعالى، ففى الحديث القدسى يقول رب العزة سبحانه وتعالى "يا ابن آدم انفق أنفق عليك".
ونختتم حلقتنا هذا، بأن الله جل شأنه أوجب زكاة الفطر، لأنها تدخل السرور على فقراء المجتمع، حيث قال الرسول "صلى الله عليه وسلم": "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم"، ولإدخال فرحة العيد على الجميع، فلا يستأثر بفرحة العيد بعض الناس دون غيرهم، حيث قال تعالى:"قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ"، وعلينا أن لا ننسى الحفاظ على النفس فى ظل أزمة كورونا، لأن الحفاظ على النفس يسبق أداء الفريضة، بل لابد من الأخذ بأسباب الوقاية والسلامة باتباع الإجراءات الاحترازية من باب حماية النفس والإحسان، لقوله تعالى: "وَلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"..