لم أصدق نفسى، عندما سمعت صوت القيادى بحركة حماس الفلسطينية، خالد مشعل، المقيم فى فنادق الدوحة الفاخرة، يتحدث فى غرفة بتطبيق "كلوب هاوس" يناقش العدوان الإسرائيلى على غزة، وذلك مساء أول أمس الخميس، كضيف رئيسى.
غرفة ضمت ما بين 1500 إلى 1900 مشترك، القائمون عليها بعضا من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، واستضافوا، القيادى الحمساوي البارز، ليتحدث عن دور المقاومة وما يسطره الشعب الفلسطينى من بطولات، فى مواجهة العدو الإسرائيلى المحتل، وصب جام غضبه على العرب، واتهمهم بالصمت وعدم مناصرة أشقائهم.
ثم والأهم، أن الرجل فى الغرفة كان يثمن فقط دور جماعة الإخوان فى عددا من الدول العربية، كما حث الشعوب العربية على جمع التبرعات والدفع بها للفلسطينيين، وبالطبع هذه التبرعات تذهب مباشرة لأبناء فلسطين المناضلين الحقيقيين.
وتصدر الإخوانى، ناصر الدويلة، الإشراف على الغرفة، وعقب انتهاء الدردشة، عزف ناصر الدويلة سيمفونية ضخمة، لخالد مشعل، وقال نصا: "انتهينا قبل قليل من غرفة حوار مع الزعيم الفلسطيني خالد مشعل في كلوب هاوس وكان أبو الوليد كعادته بسيطا في طرحه واضحاً فيما يقول، ذو بعد استراتيجي دقيق، وفوق ذلك قد كساه الله بحلية الخلق الرفيع والتواضع الجم وثبات القادة العظام سعدت كثيرا بالحوار معه والاستماع له و التعلم منه".
ولا نعلم، ما هو العمل الخارق الذى أتى به خالد مشعل، ليكون أحد القادة العظام، سوى إنه يعيش فى منزل فاخر فى الدوحة، ويجلس فى الفنادق السوبر ستارز، ويتنقل بين عددا من العواصم، تاركا أبناء وطنه فلسطين، وتحديدا أبناء غزة، يئنون تحت وطأة الاحتلال، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن القائد الحق، أو الزعيم، هو الذى يُشمر عن ساعديه، وينزل مع شعبه إلى مكان الأوبئة عند الضرورة، ويعيش بينهم ويتألم بآلامهم، لا أن يعيش خارج البلاد عيشة مرفهة!!
غاندى، ومانديلا، على سبيل المثال، لا الحصر، هم من يطلق عليهما قادة عظام، فقد ناضلا من أجل قضايا بلادهم، داخل بلادهم، وليس من القصور والفنادق الفاخرة، خارج الحدود، بالشعارات الرنانة، والخُطب التى تُلهب المشاعر، وشن حملات هجوم عنيفة ضد قادة دول، واتهامهم بالصمت والتواطئ.
ونسأل خالد مشعل، كيف تطلب من أى قيادة لدولة ما ضرورة إعلان الحرب ضد إسرائيل، بينما أنت تقيم خارج وطنك، ولا تقدم له سوى الشعارات الرنانة؟ لماذا لا نراك بين شعبك فى فلسطين تناضل على الأرض بالأفعال لا الأقوال فى عرف الدردشة على تطبيق الكلوب هاوس، أو كتابة التغريدات على تويتر، وبوستات على فيسبوك؟!
أنا متعاطف مع معاناة الأشقاء الفلسطينيين في الداخل، والذين يواجهون رصاص الاحتلال بصدورهم بكل شجاعة، لكن لا أتصور أن بعضا من ينصبون أنفسهم قادة ويعيشون في الخارج عيشة مرفهة، يتطاولون على عددا من الدول العربية، وقادتها ورموزها، واتهامهم بالصمت والتواطؤ، بينما هم منقسمون على أنفسهم، ويرفضون تنحية خلافاتهم وتناحرهم، من أجل السلطة، وتحويل الأراضى المتبقية إلى دولتين، واحدة فى غزة، والأخرى فى رام الله؟!
الانقسام الفلسطينى، وعدم توحد كلمتهم، بجانب تناحر الفصائل فيما بينهم، يثير حالة من الجنون عند كل عربى قومى، ثم وياللعجب، لا يحاسبون أنفسهم، ويعلون من شأن، المصلحة العامة، لتحرير الأرض، وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى المغلوب على أمرهم، فوق المصالح الشخصية الضيقة!
عجبنى سؤال لمذيعة قناة روسيا اليوم الناطقة باللغة العربية، طرحته على قيادى فلسطينى يعيش فى الخارج: ماذا يقدم كل القادة الفلسطينيين الذين يعيشون فى الخارج، للفلسطينيين الذين يقدمون أرواحهم دفاعا عن أرضهم وممتلكاتهم، فى الداخل؟
الإجابة على السؤال المرير، هى مزيد من الهجوم والتطاول على القادة والرموز العربية، ثم ترديد شعارات رنانة، وخُطب نارية، ضيعت فلسطين منذ عام 1948 وحتى كتابة هذه السطور!!