لم يسأل أحد لماذا انزعج نشطاء السبوبة من مشروع تطوير العشوائيات؟ لدرجة أن ممدوح بك حمزة أجزم أن المشروع يصب فى خانة المشروع الصهيونى الأمريكى، إسرائيل الكبرى من النيل للفرات.
الحقيقة أن العشوائيات تمثل أبشع أنواع التجارة للحصول على أموال طائلة، وسلاح قوى للنشطاء والحقوقيين ونحانيح الثورة لتشويه مصر، والمتاجرة بسمعة وكرامة وكبرياء المصريين، وتعرية فقرهم، وآلامهم، لأهداف سياسية.
وجدنا الدكتور محمد البرادعى عندما وصل مصر قبل 25 يناير 2012 باعتباره الفاتح المبين، ومنقذ البشرية، بمجرد أن وطأت أقدامه أرض الكنانة، كان دراويشه، قد وضعوا له برنامج تتويجه على «عرش» مصر من «إسطبل عنبر»، أكثر المناطق عشوائية، ورمز الفقر، والبؤس الإنسانى. البرادعى كان يهدف من زيارته لهذه المنطقة، الترويج لصورة مصر البائسة الموجوعة الغارقة فى بحور الفقر والمرض، لتتصدر الزيارة الصفحات الأولى من الصحف العربية والدولية، ورسالة بأنه قادم لانتشال مصر من هذا المستنقع. وبعد تلك الزيارة الشهيرة، تفرغ البرادعى فقط، فى وضع خطط التأجيج، وإثارة الفوضى وعدم الاستقرار، دون أن يلتفت لهؤلاء الذين زادوا فقرا وبؤسا فى العشوائيات، ولم يكونوا يوما رقما فى أجندة اهتماماته وألوياته، وإنما هى صورة، للمتاجرة بها فى المحافل الدولية لتشويه صورة بلاده.
أيضا العشوائيات كانت تجارة مربحة للنشطاء والحقوقيين يحصلون من خلالها على تمويلات ضخمة، بحجة أنهم يطورون ويساعدون سكان هذه المناطق. بجانب توظيف آلام هؤلاء لأهداف سياسية، من عينة أن الشعب ساكن فى القبور ويأكلون من صناديق الزبالة، ويبدأون فى الترويج لها فى الداخل لابتزاز مشاعر المصريين وإثارة غضبهم ضد النظام والحكومة، ولتشويه مصر أمام العالم. وهى أجندة مشوهة لوجه مصر الحضارى، ورسم صورة نمطية عن أن المصريين يقطنون القبور ويأكلون من صناديق الزبالة جنبا إلى جنب مع الحيوانات والقوارض. وهى أيضا، الصورة التى رسمها شواذ ومخنثون ومنظمات حقوق إنسان ونخب وفنانين وبعض القنوات الفضائية لحشد الناس فى الميادين، والدعوة إلى ثورات، تحت عناوين، ثورة جياع تارة، وثورة العدالة الاجتماعية تارة أخرى.
وتعانقت السينما وعدد من البرامج فى بعض القنوات المختلفة، من التى أظهرت أنها تعمل على الجوانب الإنسانية والاجتماعية، ومساعدة الفقراء بمنحهم غسالة أو تليفزيون أبيض وأسود أو خلاط، أو علاج حالة مرضية، لكن السينما أخذتنا لمنحى أن سكان هذه المناطق بجانب بؤسهم وفقرهم وإقامتهم فى القبور، فإنهم يرتكبون كل الموبقات، من زنا محارم، إلى ممارسة الشذوذ، وتعاطى المخدرات.
كل هذه المشاهد كانت حاضرة فى ذهن كل الحقوقيين، ونشطاء السبوبة، ونخب العار، ولكن ليس لوضع برامج تنتشلهم من البؤس والفقر، ولكن للمتاجرة بهم والحصول على مكتسبات مادية، ومعنوية ضخمة، لذلك كان هجومهم بالتسفيه والتسخيف، ومحاولة لقلب الحقائق فى مشروع الدولة بالقضاء على العشوائيات خلال عامين، وانتشال هؤلاء من مستنقعات البؤس والفقر، بتوفير مساكن أدمية، فكان باكورة المشروع «حى الأسمرات»، وشاهدنا النقلة الإنسانية والحضارية الكبيرة، على يد رجال صدقوا ما وعدوا به، فكانت الأفعال المخلصة والمجردة أعلى صوتا، من الأقوال وتجارة الشعارات.
الدولة رصدت 14 مليار لتنفيذ خطة التطوير والموازنة، من موارد بعيدا عن الموازنة العامة، من خلال مساهمات وتبرعات مصريين شرفاء ووطنيين، يشعرون بآلام بنى وطنهم. ووسط كل هذا لم نسمع ناشطا أو حقوقيا تبرع بمليم واحد، بل لم يتبرع ولم يصنع خيرا بأن يصمت، ولكن تبنى حملات تشويه وتسخيف وسفالة وانحطاط، لا مثيل لها فى أى مكان على سطح هذا الكوكب، ولم نسمع واحدا من هؤلاء يتحدث عن التهجير «القسرى» للمواطنين من مقابر «الموت» إلى مساكن «الحياة».