للمرة الأولى من سنوات تستعيد القضية الفلسطينية زخمها وقوتها أمام العالم، وتبقى حية قادرة على جذب التعاطف والدعم العالمى، ورغم أن المنطقة العربية تواجه من سنوات عوامل ضغط تشغل كل دولة بقضاياها، فقد ظهرت مواقف متضامنة وداعمة قوية من الجامعة العربية والدول المختلفة، ومنذ اللحظة الأولى اتخذت مصر موقفًا قويًا فى مواجهة العدوان الإسرائيلى، ونجحت فى وقف الاجتياح البرى لغزة، كما قدمت مشروعا للتهدئة لكن الغرور الإسرائيلى غذى شعور العدوان. مصر فتحت معبر رفح ودعمت مستشفيات العريش بالأطباء والأدوية، وقام الهلال الأحمر المصرى بدور بطولى فى إجلاء الجرحى، كما أرسلت مصر أطنانًا من الغذاء والدواء للأشقاء فى غزة، وتواصل مساعيها إقليميًا ودوليًا لوقف العدوان الإسرائيلى فضلًا عن جهود مصرية مستمرة لإتمام المصالحة الفلسطينية وأن يعود الفلسطينيون صفًا واحدًا، وسوف تواصل مصر جهودها إقليميًا ودوليًا، وتمتلك أوراقًا مهمة كقوة فاعلة تحظى باحترام كل الأطراف، وتقوم بدورها فى صمت باعتباره دورها كقوة فاعلة.
ورغم آلة القتل الإسرائيلية فإن الكيان الإسرائيلى فى مأزق رغم أنه يمتلك القوة والسلاح وقتل حوالى 200 فلسطينى، بينهم أطفال وشيوخ ونساء مدنيون، كما أصاب المئات. إسرائيل تستدعى عشرات الآلاف من الاحتياط وكلما طالت المدة تضاعفت الخسائر، أكيد إسرائيل تعوض هذا من المعونات والحسابات المفتوحة، ورئيس الوزراء نتنياهو يحاول بالعدوان كسب ما فشل فى تحصيله بالسياسة.
الصورة الآن أكثر وضوحًا، حيث حجم التضامن العربى والعالمى منذ محاولة الاحتلال اقتحام ومصادرة بيوت الفلسطينيين فى حى الشيخ جراح فقد قدم الأردن وثائق تثبت فلسطينية هذه المنازل. ساعدت السوشيال ميديا فى إظهار حجم تعاطف العالم غير المسبوق من سنوات خاصة مع ما نقلته القنوات والمواقع من صور وفيديوهات أظهرت حجم العدوان والوحشية فى قتل الفلسطينيين، وشجاعة الفلسطينيين فى المسجد الأقصى فى التصدى بصدور عارية لقوات الاحتلال المسلحين.
لقد أعلن أعداد من نجوم العالم تضامنهم مع الشعب الفلسطينى تحت شعار «أنقذوا حى الشيخ جراح».. ممثلون ونجوم كرة ومثقفون فى أمريكا وأوروبا بجانب النجوم المصريين والعرب بمواقع التواصل وهى حملة انعكست عالميًا لتعيد ذكرى اغتيال الطفل محمد الدرة وغيره من أطفال فلسطين، وقوة الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية.
فشلت دولة الاحتلال فى تصوير الأمر على أنه دفاع عن النفس، كما تراجعت كثيرًا حالة الاستقطاب والمزايدة بين الفصائل والأطراف المختلفة وربما تكون فرصة لاستعادة وحدة الصف الفلسطينى التى أصيبت بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات، وقد بذلت مصر جهودًا كبيرة لإتمام مصالحة الفصائل الفلسطينية واستعادة وحدة الفلسطينيين وهى المعادلة الأهم والأبرز والتى يمكن أن تدعم استمرار الانتفاضة الفلسطينية، والتى سبقتها انتفاضات أدت إلى نتائج على الأرض،
عبر عدد كبير من نجوم ومشاهير العالم والوطن العربى عن دعمهم لفلسطين وشعبها، بعد الاعتداءات الوحشية التى يتعرضون لها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة ومدينة القدس المحتلة، ورفع الكثير منهم شعار «أنقذوا حى الشيخ جراح».
فيما يتعلق بالموقف الأمريكى والدولى فقد أعلنت الصين وروسيا ودول أوروبا رفضها لاستمرار سياسات عدوان الاحتلال، فيما بدت إدارة الرئيس بايدن والبيت الأبيض داعمة للاحتلال، ولكن هذا لم يمنع 25 نائبًا بالكونجرس الأمريكى من إرسال رسالة إلى وزير الخارجية أنتونى بلينكين، اعتبروا فيها أن الممارسات الإسرائيلية «جريمة حرب»، وقالوا: «نكتب هذه الرسالة للتعبير عن قلقنا العميق إزاء خطة إسرائيل لتهجير 2000 فلسطينى من حيى البستان والشيخ جراح فى القدس، وقالوا إن إسرائيل هدمت 100 مبنى فى حى البستان، حيث يعيش 1550 فلسطينيا، 60 فى المائة منهم أطفال، من أجل بناء «حديقة تلمودية»..
كل هذه التحركات والجهود تفضح العدوان الإسرائيلى وتعيد للقضية الفلسطينية زخمها، أما مجلس الأمن والأمم المتحدة فهما منظمتان تثقلهما التداخلات، وعطلت الولايات المتحدة عقد الجلسة ولا يتوقع منها أكثر مما كان فى السابق موقف منزوع الفاعلية.