لم تكن الأخلاق يوما عيبا بل إنها قيمة كبرى تشكل حياة الإنسان الصالح يعيش فيها ويبنى عليها حاضره ومستقبله، وهذه الحياة الأخلاقية لها بوابة كبيرة يدخل منها الطيبون والراغبون فى محبة الله ورضوانه، ولها دائرة لا تغلق أبدا، ومن الأخلاق الحميدة "الصدق فى الوعد".
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة مريم فى حديثه عن نبيه إسماعيل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام "وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا"، وتدلنا هذه الآية الكريمة على أن "الصدق فى الوعد" صفة عظيمة تستحق أن تذكر فى مواضع المدح، والقرآن هنا يمدح نبى الله إسماعيل، يحدثنا عن صفته الأهم والأبرز إنه صادق فى الوعد التى يعده ويفى بما اتفق عليه في الآخرين.
والصدق فى الوعد، يعنى صدقًا فى القول وصدقًا فى الفعل، وتأتى أهميته وتكمن خطورته فى أنه أمر لا يتعلق بشأن نفسك فقط، بل يتعلق بآخرين، أنت مجرد طرف فى معادلة وهناك طرف آخر، كما أن هناك نوعين من الصدق فى الوعد، الأول يتعلق بالله سبحانه وتعالى، أى أن يفى الإنسان بما بينه وبين الله من عهد دينى وأخلاقى، فيسعى إلى اتباع أوامر الله وينتهى عن نواهيه.
والنوع الآخر، يرتبط بالعلاقات بين الناس فى الحياة الاجتماعية، وذلك لأن سوء الأخلاق تدفع البعض للاعتقاد بأن مخالفة العهود "شطارة" والخداع "فهلوة وذكاء" وعدم الوفاء بالمتفق عليه "فتونة"، وفى الحقيقة كلها أمور سلبية تعمل بالتراكم على انهيار القيم فى المجتمع الواحد وتخرج لنا أجيالا تهدم بيوتها بأيديها.
نعم، الصدق في الوعد من أخلاق الأنبياء، لأنه يحتاج مجاهدة فى النفس حتى يفى الإنسان بما عليه، فمن طبيعة الإنسان أنه يحب أخذ الأشياء ولا يحب منحها، ونسأل الله السلامة.