عبارة اشتهرت على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ عام 2014، جاءت مع حديثه حول الأمن القومى الخليجى، واستعداد مصر الدائم لحماية الخليج، حال تعرضه لأى مخاطر تهدده، مؤكدا أن أمن مصر من أمن الخليج، ما عكس عقيدة الرئيس القائمة على أهمية حماية الأمن القومى للبلاد، وما يتطلبه هذا من حماية أمن الأشقاء العرب، سواء فى منطقة الخليج أو غيرها من الدول العربية، التى عانت كثيرا جراء التدخلات الخارجية أو الانقسامات الداخلية، وما ترتب من تداعيات سلبية منذ أحداث ثورات الربيع العربى فى عام 2011، ولعل أبرز الدول التى تعانى من أزمات على مدار سنوات هى ليبيا وفلسطين وسوريا والسودان والعراق.
عانت هذه الدول من عدم استقرار إلى حد كبير، ما أثر سلبا على شؤونها الداخلية ومواطنيها، وهو ما لا تقبله مصر على أشقائها، فدائما أثبتت المواقف المصرية السياسية على درايتها الكاملة بكل ما يجرى فى المنطقة، والعمل على جميع الملفات فى وقت واحد، والتأكيد على دعم مصر لكل العرب، وأمن المنطقة القومى، بما يصب فى صالح أمن واستقرار الشرق الأوسط.
آخر هذه المواقف جاء متمثلا فى دعم القاهرة لغزة والنجاح المصرى فى التوصل إلى وقف إطلاق النار، وتحقيق التهدئة بين إسرائيل وقطاع غزة بعد ما يزيد عن 11 يوما من معاناة الفلسطينيين بسبب العدوان الإسرائيلى، كما أعلن الرئيس السيسى عن تخصيص 500 مليون دولار لإعمار غزة. فلسطين ليست وحدها التى ستحظى بمشاركة مصر فى إعادة إعمارها، بل سبق وأعلنت القاهرة عن المساهمة فى إعمار عدة بلدان عربية، وتنفيذ مشروعات ذات مصالح مشتركة للجانبين.
لعل وتيرة الأحداث كانت متسارعة على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة، فخلال العام الماضى، كانت الأزمة الليبية حاضرة فى مقدمة ملفات الإدارة المصرية، وكان الرئيس السيسى قد أكد على ضرورة الحل السياسى فى ليبيا، ومصر لن تسمح بتجاوز خط سرت والجفرة - الخط الأحمر - لأنهما من أمن مصر، مشيرا إلى أنه يخطئ من يعتقد أن الصبر تردد أو ضعف. كلمات الرئيس السيسى دائما تأتى واضحة وحاسمة، مؤكدة على أنه لا تهاون فيما يخص أمن البلاد سواء فى الداخل أو من الخارج، ولعل مواقف الإدارة المصرية بكل مؤسساتها الأمنية تعكس بوضوح هذا التوجه، وأن «مسافة السكة» ليست فقط عقيدة تعنى التدخل العسكرى أو الحروب، وإنما تعنى أن الإدارة المصرية قريبة من المواطن المصرى تعمل على حمايته واستقراره، وفى الوقت ذاته قريبة من جميع القضايا الشائكة التى تحيط بنا فى المنطقة العربية، ومن ثم فهى تعمل ليل نهار على التسوية السياسية بداخل البلاد العربية، التى تعانى من أزمات سياسية وعدم استقرار بداخلها، وحماية أمنها القومى، لأنه يرتبط بشكل أو بآخر بأمن مصر القومى، الذى أكد الرئيس السيسى مرارا وتكرارا عدم السماح بمساسه، قائلا فى إحدى عباراته الشهيرة: «قسما بالله اللى هيقرب لمصر هشيله من على وش الأرض».
أيضا أكدت المواقف المصرية، تجاه القضايا العربية، أن الحل العسكرى ليس أساسا فى حل الأزمات، بل إن الحل السياسى والمسار التفاوضى دائما ما يكون الحل الأمثل، كما اهتمت مصر ببناء الإنسان سواء على الصعيد الداخلى، أو الخارجى، إيمانا بأن الاستثمار فى المواطنين هو أساس النهضة والازدهار للأمم، ولعل هذا ما توضحه مساهمة مصر فى دعم ومساندة الدول العربية، التى عانت من سلبيات عدم الاستقرار خلال السنوات الأخيرة، وأكد الرئيس السيسى فى نهاية العام الماضى، خلال لقائه وفدا وزاريا عراقيا برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط العراقى، خالد بتال، على ثوابت السياسة المصرية بدعم العراق وتعزيز دوره القومى العربى، ومساندته فى كل ما يدعمه لتحقيق مصالحه ومساعدته على تجاوز جميع التحديات، والحفاظ على أمنه واستقراره، كما شدد على الجدية والإرادة القوية لدى مصر تجاه التعاون مع العراق على جميع الأصعدة وبكل المجالات. وفى فبراير من العام الجارى، أكد الرئيس السيسى خلال لقائه مع رئيس الحكومة الليبية الجديدة، عبدالحميد الدبيبة، على استعداد مصر لنقل خبراتها إلى ليبيا، ودفع الأشقاء الليبيين نحو آفاق البناء والتنمية، وهو ما مثل توجه القيادة المصرية بعمل كل ما من شأنه الإسهام فى وضع ليبيا على الطريق الصحيح، الأمر ذاته مفعلا مع جنوب السودان، فقد أكد الرئيس السيسى، فى لقاء سابق مع نظيره من جنوب السودان، سلفا كير، على هامش القمة الروسية الأفريقية، أن مصر ستواصل تقديم الدعم والمساعدات لجنوب السودان، إلى جانب تعزيز الجهود فى إعادة إعماره وتنفيذ مشروعات مثمرة تحقق مصالح الشعبين فى جميع المجالات، ومنذ أيام شارك الرئيس السيسى فى مؤتمر باريس، لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان وقمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية، بناء على دعوة من نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، ما عكس ما تتمتع به مصر من ثقل سياسى واستراتيجى على مستوى القارة الأفريقية بما يساهم فى دعم المبادرات الدولية، التى تهدف إلى دعم دول القارة السمراء، وقد أعرب رئيس مجلس السيادة السودانى، عبدالفتاح البرهان، عن شكره للرئيس السيسى عن المشاركة، وكان الرئيس السيسى قد أكد فى مارس الماضى، خلال لقائه بوزيرة خارجية السودان بالقاهرة، على أن أمن واستقرار القاهرة جزء لا يتجزأ من أمن السودان، وهو ما أثبتته مشاركة مصر، إلى جانب دعمها للأشقاء بالسودان فى فبراير الماضى، حيث وجه الرئيس بإرسال مساعدات طبية وغذائية إلى السودان فى إطار مساعدتها لمواجهة جائحة فيروس كورونا ومساندة قطاع الصحة السودانى.
لقد أثبتت مواقف الإدارة المصرية، على مدار 7 سنوات، أن الاتحاد العربى ضرورة لمواجهة التحديات التى تحيط بالمنطقة العربية، ولمواجهة الإرهاب والتحديات التى تواجهنا جميعا، وأن الجيوش الوطنية العربية هى الأولى لفرض سيطرتها على أراضى دولها لإحداث الاستقرار فيها، كما ذكر الرئيس السيسى فى إحدى المقابلات الإعلامية سابقا، مؤكدا على دعم الجيش الوطنى بسوريا، وليبيا والعراق، وهو ما يترتب عليه الأمن والاستقرار فى المنطقة والازدهار فى كل الأنحاء العربية، فحينما تنتهى الحروب والصراعات يبدأ الإعمار والبناء، وهو النهج الذى اتخذته القيادة المصرية محققة نسبة كبيرة من النجاحات والإنجازات، التى أصبحت مسار انتباه واحترام العالم بشهادات دولية رسمية.