التعب والابتلاء والمعاناة جوانب ملموسة فى الحياة، لا مفر منها ولا يمكن إنكارها، فالجميع يلاقى نصيبه من ذلك، وقلَّ من تمر حياته فى سكون وراحة ونعيم دائم، وبالتالى فإن الإحساس بالتعب والألم والضيق والعجز أمور طبيعية، والشكوى من كل ذلك ليس عيبًا، ولا ينقص من عزيمة الإنسان ولا من تدينه، ولكن السؤال: كيف تكون الشكوى؟
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الأنبياء "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنّى مَسَّنِى الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"، لقد تحولت قصة سيدنا أيوب، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، إلى "حكاية شعبية" يضرب بها المثل على الصبر والتحمل بعد تبدل الحال وانقلاب الأمور رأسًا على عقب، فقد واجه عليه السلام كل ذلك بالصبر الجميل، وهناك حكايات كثيرة يذكرها المفسرون عن الابتلاء الذى لحق بسيدنا أيوب، منها ما لحق بجسده وصحته، ومنها ما لحق بولده وأهله، ومنها ما لحق بماله وعزه، ومع ذلك عندما أراد أن يشكو إلى ربه قال "أنى مسنى الضر" ومعنى مسنى "نالني" وفيها نوع من الإخبار بما يشعر به من تعب، ثم طلب الرحمة، فلم يصرخ ولم يندب حظه من الدنيا، بل قال "وأنت أرحم الراحمين".
إذن ليست المشكلة فى الشكوى ولكن فى "فُجر الشكوى"، فالواحد منا يبتليه الله سبحانه وتعالى بالبلاء كبيرا أو صغيرا، فبدلا من طلب الرحمة والعفو، نجد سيلًا من السخط والحنق، نجد غضبًا عارمًا يدمر كل شيء، نجد قصر نظر يظن أن الله قد اختصه وحده بالبلاء وتركه فى مهب ريح الأيام لم يمنحه نقطة ضوء، وذلك هو الخطأ بعينه، فدائما هناك نقطة مهمة لا تزال مضيئة رغن الألم، وفى قصة سيدنا أيوب عليه السلام، كانت زوجته، التى أطلقت عليها الحكايات الشعبية اسم "رحمة" لقد تمسكت به ولم تتركه أبدا حتى جاءت النهاية.
أريد أن أقول لك، إنه كل الأزمنة ومنها زماننا هذا، يوجد أناس يقاربون قصة سيدنا أيوب فى الابتلاء والصبر، يرفعون أيديهم إلى ربهم يطلبون منه الرحمة والعفو، فيستجيب الله لهم استجابة عظيمة فيها خير كبير وتعويض يليق برحمة الله سبحانه وتعالى.