تبهرنى وتشد انتباهى الأرقام، حتى إذا ما كانت تشير إلى الفن الذى يعشقه العامة، وأنا من بينهم وهو السينما، فحين نتداول الأخبار التى تنقلها لنا وسائل الإعلام العالمية تقول إن فيلما سينمائيا وصلت إيراداته إلى بليون و78 مليون دولار، يعنى لو تم تفنيطها تصبح مائة مليون دولار و78 مليونا، بينما تكلفته 250 مليون، أى بحسبة بسيطة يصبح فقط دخله من الإيرادات فى العرض الأول 750 مليونا، وبعض الفكة، ومازال يواصل تحقيق الإرادات الأعلى.
أما الفيلم الذى نتحدث عن إيراداته وتكلفته فهو كابتن أمريكا، وأما الحكاية والأرقام فذلك أمر يستحق أن نرويه.
وُلد كابتن أمريكا فى 4 يوليو 1920 فى خيال وعلى يد رسامى الكاريكاتير جاك كيربى وجو سيمون لصالح دار نشر مارفل للكومكس، ولكن كان أول ظهور علنى له مطبوع فى سلسلة مجلات عام 1941، وتبلورت حكاية كابتن أمريكا فى شخصية ضابط أمريكى وطنى لديه قدرات غير عادية بسبب مصل تم حقنه به يحارب ضد قوات المحور أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهاء الحرب توقف ظهور كابتن أمريكا، ثم عادت الشخصية للظهور فى مغامرات جديدة منذ عام 1964 ولم يتوقف ظهورها منذ ذلك التاريخ.
أما الظهور السينمائى الأول فكان عام 1944 وهو من بين أهم مائة شخصية سينمائية فى العالم ظهرت واستمرت على مدى التاريخ.
كابتن أمريكا منذ ظهوره يرتدى ملابس تحمل علم أمريكا، ويحمل فى يديه درعا غير عادية تحميه ويقاتل به أعداءه، وطبعاً قدراته كصورة وقوة تطورت من زمن الأربعينات لزمن الثرى جى.
وقد قام بهذه الشخصية منذ بداية تمثيلها 9 نجوم آخرهم كريس إيفانز الذى قام ببطولة أحدث طبعات فيلم كابتن أمريكا «الحرب الأهلية»، وشاركه فى بطولته روبرت داونى جونيور، وسكارليت جوهانسن، وإليزابيث أولسن.
يحكى الفيلم، الذى أخرجه أخوان وهما جو وأنتونى روسو، انقسام فريق الأفنجرز إلى فريقين ضد بعضهما، وأحدهما يقوده كابتن أمريكا، رغم أنهم كانوا دائماً فريقا واحدا، وبغض النظر عن تفاصيل الحكاية والفكرة التى تجعل من الخير فكرة بلا قيمة، إذا ما خلت من القوة، فإن كابتن أمريكا فى طبعته الأخيرة كان دائما هو طعاما غير مغذٍ ولكن طعمه جميل، فيتهافت على مشاهدته جمهور من الصين يدفع حتى الآن 178.2 مليون دولار، ويمنحه البريطانيون من جيوبهم 50 مليون دولار، أما كوريا الجنوبية فيعطيه مشاهدوه 62.2 مليون دولار وهكذا فى كل أنحاء العالم.
هوليوود وأهلها يعرفون كيف يقدمون كثيرا سينما لا تعطى المشاهد غذاءً صحياً، ولكنه يتهافت عليها لأن بها كثيرا من الكاتشب والتوابل، فيأكلها المشاهد وهو سعيد يتلذذ بطعمها، وقد تكون حقاً غير صحية ولكنها أبداً لا تقتل آكليها بل يحلمون معها بالقوة والصحة.
كانت بداية كابتن أمريكا كما سبق وذكرت خلق بطلا أمريكيا لا يُهزم أمام قوات المحور، ورغم نهاية قوات المحور واختلاف التحالفات وتغير خريطة العالم، فإن هوليوود مازالت تقدم للعالم البطل الأمريكى الذى لا يُهزم، وحتى حين تنقسم فرقة البطل لفريقين، فإن البطل الأمريكى لا ينتصر فقط بل ينتصر من أجل الحق، أليست هى الصورة التى تود أمريكا أن تصدرها للعالمين، أليست تلك هى القيم التى تعلنها أمريكا أنها تبحث عنها حتى وهى تدمر بلادًا، فهل تفعل هوليوود إلا ما تفعله أمريكا سيدة العالم، فكأن هوليوود والبيت الأبيض والبنتاجون كلهم جميعاً على قلب رجل واحد.
كابتن أمريكا فيلم جيد الصنعة، ومن الصعب وأنت تشاهده أن تغمض عينيك وتفكر قليلاً أن أمريكا شيكا بيكا، لأنك ملخوم بالبطل الذى لا يُقهر.