لماذا لا نتبرع لصندوق تحيا مصر؟.. الانبهار وحده لن يصنع المعجزات، وإنما هناك عوامل يجب أن تتكامل مع بعضها البعض، حتى نصل إلى مرحلة الانبهار بالشىء، وإذا لم تتوافر هذه العوامل سنظل فى أماكننا، لن نتقدم خطوة واحدة للأمام، إذا طبقنا هذه القاعدة على مشروع الأسمرات الإسكانى الذى افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاثنين الماضى، المرحلتين الأولى والثانية منه، واللتين تضمان ما يناهز 11 ألف وحدة سكنية، بتكلفة إجمالية بلغت مليارا ونصف المليار جنيه، ومخصصة لقاطنى العشوائيات الخطرة من مناطق «الدويقة، وعزبة خير الله، وإسطبل عنتر»، سنعترف جميعًا بأننا وقفنا مبهورين مشيدين بهذا الإنجاز الذى تحقق فى عام واحد فقط، نعم عام واحد دون أن ندرك تفاصيل ما حدث، إلى أن رأينا بأعيننا هذه الصورة الحضارية التى تخطط لها الدولة لتسكين قاطنى العشوائيات بها.
التفاصيل تقف خلفها عوامل كثيرة تحدث عن بعضها الرئيس السيسى فى الافتتاح، ومنها مشاركة ومساهمة جمعيات المجتمع الوطنى ورجال الأعمال، ومعها صندوق «تحيا مصر»، وهو مقصد حديثى هنا، فالصندوق الذى أعلنت رئاسة الجمهورية فى 1 يوليو 2014 عن تدشينه تفعيلًا للمبادرة التى سبق وأعلنها الرئيس بإنشاء صندوق لدعم الاقتصاد، والذى جاء استكمالا لإعلان الرئيس فى 24 يونيو 2014 تنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه، وأيضا عن نصف ما يمتلكه من ثروة لصالح مصر، هو إحدى الآليات المهمة، بل ربما يكون الأساس فى الصورة التى رأيناها جميعًا الاثنين الماضى، لذلك لم أستغرب الرئيس حينما قال إنه خلال حملته الانتخابية طلب أن يكون بجواره صندوق به 100 مليار جنيه ليعينه فى تنفيذ عدد من المشروعات التنموية والخدمية التى يحتاجها البلد، ووقتها لم يستوعب رجال الأعمال ولا النخبة مغزى الرئيس، لكنهم اليوم عليهم أن يعرفوا أن الصندوق يقوم بأدوار غاية فى الأهمية نحتاج لكى تستمر لأنها خير معين للدولة.
«الإسكان الاجتماعى» فى الأسمرات هو نموذج للدور القومى الذى يقوم به الصندوق، والذى يضاف إليه نماذج أخرى كثيرة يجب أن تكون معروفة للجميع، لكى ندرك أين تذهب أموال التبرعات التى تودع فى الصندوق، فالصندوق يستهدف بناء 27 ألف وحدة سكنية بمحافظة القاهرة، وتطوير 13 منطقة، ومن بينهما مشروعان، 11 ألف وحدة «للحياة»، ومشروع تطوير منطقة العسال.
وربما يكون من المفيد أن يواصل رجال الأعمال دعمهم للصندوق وأن يدعمه الشعب أيضًا، كما أن الدولة عليها أن تبحث عن بدائل تدعم بها الصندوق، وليكن منها على سبيل المثال تخصيص نسبة من متحصلات الدولة فى تسويات أراضى طريق الإسكندرية الصحراوى أو الإسماعيلية، خاصة أن الصندوق يقوم بدور مهم فى تطوير العشوائيات.
ولكى يطمئن الجميع بجدوى توجيه جزء من أموالهم لدعم الصندوق، فمن المهم أن يطلعوا على مشروعاته التنموية، ومنها على سبيل المثال علاج ومكافحة فيروس سى، بتكلفة إجمالية 100 مليون جنيه، وسنرى يوم الجمعة إحدى ثمار هذا المشروع، وهو إنشاء مركز علاج «فيروس سى» بالأقصر، ليكون نموذجا متميزا لوسائل العلاج، ويمكن تصديره على مستوى القارة الأفريقية، ويستهدف علاج 12 ألفا، ويخدم محافظات الصعيد.
ومن البرامج الأخرى المهمة التى يقوم بها الصندوق، برنامج الحد من ظاهرة أطفال بلا مأوى، لمواجهة أخطر الظواهر الاجتماعية التى يعانى منها المجتمع المصرى، حيث تشكل هذه الظاهرة خطرًا على المجتمع وتهدد أمنه وسلامة أفراده، وبناء على أول حصر شامل على مستوى الجمهورية فى عام 2014 قامت به وزارة التضامن الاجتماعى وصل عدد الأطفال الذين بلا مأوى على مستوى الجمهورية 16,019 طفلا، وهو ما دفع الصندوق للتنسيق مع الوزارة لوضع خطة للحد من الظاهرة، بتكلفة إجمالية 164 مليون جنيه، يتحمل منها صندوق تحيا مصر 114 مليون جنيه.
مشروع آخر يقوم به الصندوق، وهو تطوير 10 قرى بـ 3 محافظات فى صعيد مصر، بتكلفة 275 مليون جنيه مصرى، يساهم الصندوق منها بمبلغ 90 مليون جنيه، بالإضافة إلى برنامج رفع كفاءة 4450 منزلا من المنازل المتدهورة فى 126 قرية، بتكلفة 100 مليون جنيه مصرى.
مشروع توفير 1000 تاكسى هو أحد البرنامج الذى يعمل عليها الصندوق لمواجهة مشكلة البطالة، وتكلف المشروع 79 مليون جنيه، يضاف إلى ذلك برنامج توفير 350 سيارة نقل مبرد حمولة 5 أطنان، حيث سيتم تخصيص سيارة لكل 3 شباب، على أن يقوموا بعد اختيارهم بتكوين شركة تضامن فيما بينهم، برأسمال مدفوع لا يقل عن 75 ألف جنيه مصرى، خلال فترة لا تتجاوز 60 يوما من تاريخ إخطارهم بالاختيار، على أن يكون غرض الشركة مكتب خدمة منافذ متنقلة مبردة ومجمدة «نقل وتوزيع وبيع من خلال سيارة»، وتبلغ التكلفة المخصصة للمشروع 87 مليون جنيه مصرى.