إن الطريق إلى الجحيم فى الدنيا والآخرة مفروش بالمغريات، وحافل بالغواية وأشكالها، وبما تشتهى الأنفس الضعيفة من محبة للزخرفة والزينة الزائلة، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، الذى لم يكد ينعم بشيء حتى اكتشف وجود عدو متربص به، إنه الشيطان بكل ما يحمله من حقد على ذلك الكائن الضعيف الذى كان سببًا فى خروجه من رضا الله، لذا هو يعلنها حربًا، ولكن أساليبه ناعمة ورقيقة، ونحن بين حبائله إما جنود شجعان مقاتلون وإما أسرى منهكون جبناء.
نتوقف مع سورة النور، وهى فى مجمل آياتها تقدم خطابًا للنفس الضعيفة التى ترتكب الأخطاء بسهولة، وذلك لأسباب منها اتباع خطوات الشيطان، يقول الله سبحانه وتعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ"، إن الآية الكريمة تجعلنا نتخيل الشيطان شخصًا يتحرك خطوات واضحة محددة هذه الخطوات تترك أثرًا على الأرض، ثم يأتى أحدنا فيضع قدمه على هذا الأثر، ويسير متبعًا الخطوات نفسها خطوة خطوة حتى يصل إلى النهاية المؤسفة.
نقول، إن النفس البشرية بطبيعتها تميل إلى ما يرضيها ويسعدها بمنطق اللذة، وليس إلى ما يصلحها، إنها تمر بلحظات ضعف لا حصر لها، وفى ظنى أن الضعف هو الغالب على الإنسان، خاصة أنه يتعرض طوال الوقت للغواية والمزيد منها.
والغواية فى معناها المداهنة وعدم المصارحة، والواحد منا يميل إلى ذلك للأسف، وعادة ما يقع فى الأمور المتداخلة التى يختلط فيها الصواب والخطأ، يظن أنه سيأخذ الخير وينجو من الخطأ، لكنه عادة ما يسقط فى الخطأ وقد لا يحصل على لخير.
وفى الغواية أيضا معنى الانقياد للهوى، والانقياد فى معناه الحركة بلا إرادة، والهوى تلك الرغبات المرضية للجسد المجافية للعقل والمنطق، هذا الهوى بوابة واسعة للسقوط فى الشر .
نحن فى معركة كبرى تقودها النفس مصحوبة بجنود آخرين يطيعون أمرها، ونحن مطالبون بمواجهة كل ذلك مصحوبين بالإيمان بالله والإيمان بالذات.