نشاهد فى أيامنا وبصورة مستمرة، أناسًا يقدمون على ارتكاب جريمة أو عمل مخزٍ فيتلفتون حولهم فإن لم يجدوا أحدًا يراقبهم أو كاميرا تفضحهم، ارتكبوا جريمتهم بكل سهولة ويسر، لا ضمير يؤنبهم ولا عقل يمنعهم ولا إيمان يصدهم، هؤلاء قلوبهم صدئة وعقولهم مسكونة بالضلال وخشيتهم من الله معدومة.
نتحدث، اليوم، عن خشية الله، حيث يقول سبحانه وتعالى فى سورة "يس" فى وصف من يستيجيبون للحقيقة ومن يستحقون أن يتعب الإنسان نفسه من أجلهم "إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِى الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ"، وخشية الله سبحانه وتعالى دليل على صحة الإنسان النفسية والعقلية.
أما الصحة العقلية، فمنبعها، أننا لا نرى الله سبحانه جهرة، ولكنا نرى أثره فى الأشياء، ونعرف بوجوده من الدلائل التى تحيط بنا ومما يقع فى أنفسنا، والعقل الذى يشعر بنقصه وبأن هناك قوة أكبر منه هى خالقة الكون، هذا العقل يكون قادرًا على استيعاب الكثير من الأمور الحياتية، فلا يكون حادا صلبا مع الناس ومع نفسه، بل يجيد التعامل مع الآخرين باختلاف "عقولهم"، فهو يعرف أنه مهما زاد عقله يعد لا شيء إذا قيس بالقوة الإلهية.
أما الصحة النفسية، فالإنسان الذى يخشى الله، هو إنسان يخشى الإحساس بالذنب، فيحمى نفسه قدر الإمكان من ذلك، فيقل توتره فى الحياة، وعادة ما تسكنه الرحمة، وهى بدورها طاقة إيجابية تنعكس على الإنسان نفسه قبل الآخرين.
وهنا وجبت الإشارة إلى أن خشية الله، ليست مجرد "لازمة كلامية" نرددها، ولكنها إيمان فعلى بأن تصرفاتك مرئية، كما أن الخشية ليست دائما معناها "الخوف" فمن معانيها فى اللغة "هاب" وأن تهاب الله يعنى أن تعظمه وتقدره بقلبك وعقلك ووجدانك، وذلك بأن تتقيه فى السر والعلن، وتحمد الله على هذه النعمة.