السكوت في مواجهة أي شىء هو باب مفتوح للعودة وللرد أي وقت وبأي شكل ، وليس السكوت ردا ، الا حيث يتفق على ذلك وحيث أقرت الأعراف المستقرة ذلك .
وهذا اعتقادي الشخصي ، من واقغ التجارب الحياتية الشخصية والرسمية . والأفضل - في اعتقادي - المبادرة الى الرد المناسب في أقرب وقت ممكن ، تقديرا لكل الأطراف ولكل الظروف ، وتفاديا لعواقب مستجدات الأمور ، وجلبا للسلام ، وتوفيرا للطاقة ، وحتى يتحرك جميع الأطراف الى الأمام دون تشبث بموضوع معلق أو ربما يكون معلقا لظروف ما .
فالأصل في الأمور هو الرد ، والاستثناء هو السكوت - كما في حالات الاتفاق على ذلك وحالات الأعراف المستقرة كما أسلفنا - والتوسع في الاستثناء ليس مرغوبا ، لما قد يحدث من اضطراب .
السكوت عن الرد باب مفتوح - بشكل ما أو موارب كما نقول بالعامية - لما قد لا يعلم من ظروف عدم الرد ، كالمرض أو الجهل بالموضوع أو المسألة أو الموقف أو حساسية خاصة بالقرابة من أي نوع أو غياب أو التعرض للقهر والمنع والإرهاب .
ولذلك ، تتفهم النظم القانونية هذه الموانع وتعمل على معالجتها بشكل مقبول يحقق العدالة المطلوبة أو يحقق ما يتيسر منها .
فحددت القوانين مواعيدا واطرا زمنية للمسائل المختلفة ، لتحسم فيها هذه المسائل بشكل نهائي يبرىء زمة الجميع ويسقط سيف الانتظار عن رقاب الناس . ذلك أن السكوت عن الرد قد يساء استخدامه أيضا في نزاعات كثيرة ، سعيا الى الاضرار بالغير بغير حق . فالنظم القانونية تستلهم الشرائع السماوية وتستلهم الاعراف المستقرة في المجتمعات بحكمتها ونبل مقصدها من اجل صالح البشرية تستلهم التقاليد الاجتماعية السائدة .
الرد شجاعة أدبية وقوة نفسية محمودة ومطلوبة من الجميع ، لأنها عون على التواصل الطيب وعلى الاستمرارية وعلى مواجهة الحياة بصعوباتها اللانهائية . فليست الحياة غنوة أو حفلة بلا أحزان ، ولكنها على النقيض من ذلك ، لأن الإنسان خلق في كبد . فالحياة كبد وكفاح مستمران طوال العمر ، والحياة في احتياج الى اتخاذ القرار طوال الوقت ، وفي احتياج الى الاختيار والمغاضلة قي كل شىء تقريبا ، سواء كان شخصيا أو رسميا . وبالتالي لا يعقل أبدا أن يخرج السكوت عن الرد عن حيز الاستثناء الضيق في الغالبية العظمى من الأمور الحياتية جميعا الى حيز العموم . بل ان سرعة الرد من شيم الكرام ومن صلب الاحترام والحرص على المودة ، ومن علامات الحضور والقدرة الشخصية المحببة .