المعروف أن هذه الحياة تقوم على الصراع، وذلك بأشكال مختلفة، فمنذ خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم عليه السلام، وهو يصارع كل شىء من أول الشيطان الذى أعلن نفسه عدوا لله والإنسان، إلى متطلبات الحياة اليومية التى تقتضى عملا وجهدا لا يعلم به إلا الله، ووسط كل ذلك يتعرض الإنسان عادة لظلم كبر أم صغر، لكن كيف علينا مواجهة هذا الظلم؟
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الشورى "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ"، عادة أفكر فى معنى هذه الآية، إن القرآن الكريم يدعونا دائما للعفو والمسامحة والتحكم فى الغضب وضبط النفس، لكن هنا يقول لنا انتصروا لأنفسكم ممن ظلمكم، وفى ظنى أن ذلك لا يتناقض أبدًا، فالانتصار للنفس معناه البحث عن العدل، وهى واحدة من شيم الإنسان السوى، الذى لا يصنع مظلومية ويعيش تحتها طوال حياته، يشكى ويبكى.
والمتأمل فى حال الإنسان عند تعرضه للظلم يجد الغالب أحد أمرين وكليهما خطأ، الأول الرد بعنف فنرتكب ظلمًا أكبر بكثير مما تعرضنا له، والأمر الثانى أن تمتلئ عيوننا بالدمع وننكس رؤسنا ونبحث فى عيون الناس عن شفقة.
لذا فإن الصحيح ألا نسمح لأحد بظلمنا، وأن نرد عليه ظلمه، ولكن شريطة ألا نبغى، وطبعا لا نتجاوز المسيء إلى غيره، بمعنى لا يظلمنا شخص فننتقم من آخر، ومن باب أولى لا ننتقم من أنفسنا.
وهناك جانب مهم متعلق بهذه المسألة، وهو ما يدور حول الوسيلة التى نلجأ إليها فى استعادة الحق ورد الظلم عنا، لا سبيل سوى القانون، فبدونه ندخل غابة لا نعلم كيف يخرجنا الله منها، هذه الغابة تبدأ من جملة "أخد حقى بذراعي".
ولمن لا يعلم فإن صفة "العدل" واحدة من سمات الفكر الإسلامى، لذا فإن انتصارنا يعمل على حفظ توازن المجتمع، أما تهاوننا فى حقوقنا، واستسلامنا فإن ذلك يضيع أشياء كثيرة، نرجوا من الله النجاة.