في الساعة السادسة من مساء يوم السبت 4 يوليو عام 1953 انطلق صوت الإعلامي أحمد سعيد مدويا وقويا وهادرا ليعلن ميلاد إذاعة صوت العرب.. صوت العرب من القاهرة
تقرر أن تبدأ الإذاعة بالبث لمدة نصف ساعة بكلمة الإذاعة قثم كلمة رئيس الجمهورية ثم كلمة أمين عام جامعة الدول العربية وبرنامج الفن في خدمة العروبة.
فكرة انشاء الإذاعة التي يعتبرها البعض مشروع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، جاء لبث خطابات ورسائل حول الوحدة العربية ومناهضة الإستعمار الأجنبي للبلدان العربية. رغم سطوع وأصبحت الإذاعة هي صوت ناصر الى الشعوب العربية ضد الاستعمار في ذلك الوقت وتحديدا في الخمسينات والستينات
وكان صاحب فكرة تأسيس إذاعة صوت العرب الدكتور محمد عبد القادر حاتم الذي تولّى فيما بعد منصب وزير الاعلام. أما الدعم الأساسي للمشروع جاء من قبل الرئيس جمال عبد الناصر.
وخلال الفترة من 53 وحتى عام 67 وعقب هزيمة يونيو تولى رئاسة الإذاعة أحمد سعيد الذى اصبح اسما مرادفا للإذاعة وتحول الى المذيع الأشهر والاسم المعروف لدى الشعوب العربية من المحيط الى الخليج
مع نجاح الفكرة بدأ زيادة بث الإذاعة الى ساعة يوميا في أكتوبر من نفس العام ثم الى ساعتين في يناير 54 وقى يوليو أصبح الارسال 7 ساعات يوميا وزاد حتى أصبح 22 ساعة في عام 62 وزادت قوة أجهزة الارسال التي ربطت بين أجزاء الوطن العربي
في فترة ناصر ركزت صوت العرب على مفهوم الوحدة العربية والأفكار الثورية ومناهضة الاستعمار. واستغلت الحكومة الجديدة في مصر إمكانيات الإذاعة ودعت من خلالها إلى دعم المناضلين العرب ودعاة القومية العربية ومحاربة ما يسمى بالرجعية.
كان صوت العرب صوت مجاهدي الجزائر والمغرب وتونس. وكان يذيع رسائل مشفرة لجبهة تحرير الجزائر والمقاومة الفلسطينية وكذلك جبهات التحرير بأفريقيا وكذلك كانت هي القوة الإعلامية في ثورة اليمن وداعمة لحركة التحرير في جنوب اليمن. شاركت صوت العرب في تحرير دول الخليج العربية واستقلالها. وعبر مسيرة أكثر من نصف قرن وسط الأحداث العربية، يصفها مؤيدوها بأنها كانت صوت المناضلين العرب وحصن العروبة الإعلامي والمدافع عن القضايا العربية.
وفى حديث له قال السلطان محمد الخامس بان إذاعة صوت العرب من القاهرة كانت البشير له وهو في المنفى بالانتصار وأنها وقفت الى جانب شعب المغرب ضد الاستعمار الفرنسي
وحاولت فرنسا إخماد صوت العرب بتوزيع أجهزة راديو مجاناً لا تلتقط صوت العرب علي الجزائريين للتعتيم وإبطال تأثير الإذاعة.
لم يقف الاهتمام عن الدول العربية والشرق الأوسط فقط بل امتد اهتمام الإذاعة الى القارة الأفريقية
واعتبرت وسائل الاعلام العالمية إذاعة صوت العرب المحرض الرئيسي ضد القوات الإنجليزية والفرنسية في المنطقة وتعبئة الشعور القومى ضدها. وحاولت تلك الدول بكل ما تملك من وسائل للتشويش على صوت العرب بصفارات الإنذار وأجهزة التشويش اللاسلكي على موجاتها وإذاعة ثلاث أغاني في وقت واحد لجعل الاستماع اليها مستحيلا لكن تلك المحاولات فشلت . واعتبرت وكالة الاستخبارات الاميريكية سي أي ايه صوت العرب أخطر وأكبر تأثيرا من إذاعة صوت أميركا
الكونجرس الأميركي نفسه رصد 40 مليون دولار لتقوية إذاعة صوت أميركا سنة 59 في مواجهه صوت العرب قى الشرق الأوسط وأفريقيا بل أن الولايات المتحدة الأميريكية ربطت صادراتها الى القاهرة بوقف الحملات التي تشنها ضدها إذاعة صوت العرب.
بعد هزيمة يونيو تعرضت الإذاعة لانتقادات عنيفة بسبب سياسة الصوت العالى وتوظيفها للهجوم على الأنظمة العربية لكنها نجحت في تحقيق أهداف النظام السياسي في ذلك الوقت الذى تبني أفكار القومية العربية ومحاربة الاستعمار وتحرر الشعوب العربية والأفريقية
وربما حتى الأن ليست لدينا دراسة وافية عن دور صوت العرب وما لها وماعليها ولم يهتم الكثير في مصر وفى الوطن العربي عن اجراء دراسات خاصة عن الإذاعة رغم أن جامعة بريستون الأميركية قدمت في الستينات ثلاث دراسات في معهد دراسات الشرق الأوسط عن الإذاعة تناولت فيها عمق تأثيرها في المنطقة العربية والأفريقية
وفى عيد ميلادها الـ68 نتمنى أن يعاد من جديد كتابة تاريخ إذاعة صوت العرب والدور الحيوي والاستراتيجي التي قامت به تماشيا مع توجهات الدولة المصرية في تلك الفترة والدور الذى مازالت تقوم به في محيطها العربي لتحافظ على هويتها العربية وكصوت العرب من القاهرة. ونمتنى أن يتم تكريم كل من عمل بصوت العرب وقدم فيها برامج متميزة مازالت محفورة في وجدان المستمع المصري والعربي. وهذا ما نتمناه من السيدة لمياء محمود رئيسة الإذاعة الحالية وهى بالمناسبة ثالث سيدة تتولى رئاسة صوت العرب بعد السيدة أمينة صبرى والسيدة نبيلة مكاوي من بين 14 رئيسا منذ انشاءها قى 4 يوليو 53