كم مرة وقعنا فى شر أعمالنا بسبب اندفاعنا، وعدم تريثنا، ولأننا لم نتأكد من المعلومة التى وصلتنا ولا من مصدرها، وبالتالى ظلمنا أنفسنا وظلمنا الآخرين، وارتكبنا حماقات مدمرة، قبل أن يتبين لنا أننا كنا على خطأ، وعادة ما نتنبه متأخرين بعد عبورنا الخط الأحمر حيث لا رجعة أبدا.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الحجرات "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، أريد أن أقول لك إن هذه الآية الكريمة من أكثر الكلمات التى يقولها الناس، تسمعها مرة وألف مرة فى اليوم الواحد، تطرق أذنك فى كل مكان وفى أى زمن، دائما ما تجد من يقول لك "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، ولكن هل نفعل ذلك حقًا، هل الذى يقولها لك ينفذها إن جاءته معلومة عن شخص قريب أو بعيد؟
فى الآية تحذير واضح من التصديق المطلق للمعلومات، ومن النتائج الخطيرة المترتبة على ذلك، وعادة ما تكون النتائج مرتبطة بطرفين، الطرف الأول الآخرين الذين وقع عليهم الفعل، والطرف الثانى الذات التى قامت بالحماقة، وفيما يتعلق بالطرف الأول فإنه بسبب عدم التيقن فإننا نؤذى الناس بجهلنا فنخرب بيوتا ونقتل نفوسا ونضيع سمعة ونكسر همما.
ومن النتائج المتعلقة بالذات، الشعور بالندم، وهو شعور قاسٍ جدا، وخطورة الندم أنه لا يمكن الرجوع فيه، لأننا نندم على ما فات أى أننا لا يمكن تعديله وإعادته إلى ما كان عليه، والندم من معانيه التأسف والحزن وكراهية ما فعلنا من قبل، وهذه كلها أمور صعبة، لأنه مرتبطة بماضٍ قد حدث وتم.
وهناك جانب آخر مهم يستحق التوقف عنده هو معنى "الفاسق"، لأن البعض يرى أن علينا التشكك فى المعلومة التى يقولها لنا من نعرف عنه "فسقه" فى الأمور الدينية فقط، ولكن ماذا عن الفسق الاجتماعى؟ ذلك يتعلق بالإنسان الذى يريد أن يوقع بين الناس لمصلحة شخصية ولهدف معلوم لنا أو مجهول وغائب، لذا من الأفضل التيقن من كل معلومة، حتى لو صغيرة وتافهة، فذلك أصوب وأفضل ويحمى الناس من الأذى ويحمى أنفسنا من الندم.